Thursday, September 19, 2013

في بيتنا مُراهق! (كيف تُعِد زوجتك لمراهق في البيت؟)

رجع ابننا ذو التسع اعوام متآخراً بعض الشئ من اللعب مع أقرانه من الجيران ووجدت زوجتي في تأهب وتوجس وتوتر رهيب وكأن الولد قد انزلقت رجليه للانحراف والمخدرات والجنس وغاص في كل الشرور والخطيئة التي يرتعد منها اي اب او أم، فوجدتني بين نارين، فانا أريد ان اعرف ماذا حدث مع الولد حتى تأخر من ناحية وان تكبح المخاوف التي كادت ان تفتك بها والتي ظهرت في نظرات وإيماءات وحركات وتعبيرات وإمتعاضات وغمزات ولمعان العيون من الناحية الأخرى. ومن هنا ففكرت ان اكتب بعض الملاحظات حتى نستعد ونتهئ لما نحن مُقبلون عليه بأكثر تركيزاً على الهدف. من المعروف ان الولد سابق أقرانه لقدراته ولاهتمامي الزائد بان يواجه معترك الحياة في اسرع وقت، فقد قلت يوماً "إحنا عندنا مراهق عمره ٤ سنوات" وقتها كانت اول مرة اشرح له اسس اختيار شريك الحياة بعد ان حكى لي عن چانا عمرو، ومن ناحيتي اصريت ان أراها في اليوم التالي وأُعجبت باختياره مُقارنة بمعتياطه وقتها! ولك ان تتخيل ما نجتازه الآن بعد ان أتم عامه التاسع من بضع شهور.. على العموم انا اُفضل المراهقة المُبكرة عن المتأخرة.. لقد أوجزت هذا الموضوع الكبير كما يلي:

- احكي لها عنك كمراهق - قدر المُستطاع ؛-):
عندما تُشاركها بما مررت به اثناء تلك المرحلة سيؤهلها ذلك نفسياً لما ستجتاز فيه وكيفية فهمها وتعاملها معه. تكلم عن الخبرات الاولى لك في الامور المختلفة، تكلم عن رفضك لكل ما هو معتاد والتهور والمُخاطرات غير المحسوبة، واقرنها بالإبداع والتطوير. تكلم عن النمو والتغيرات والطاقات الجسدية التي قد تُهشم أثاث البيت يوماً ما ووضح ان هذه الإمكانيات ما ستبني بنيان الرجل يوماً قريباً. تكلم عن المشاعر والعواطف المتأججة والناتج المتوقع منها، اغلب الشخصيات السوية مرت بتجارب عاطفية شكلت نضوجاً عندما أتت للقرارات الكبيرة. تكلم عن حبه للتجديد والبحث عما هو مختلف واقرن ذلك باستعداده وتجهيزه لان يشق طريق الحياة بنضوج وضبط نفس كصاحب عمل ناجح مثلاً. تكلم عن التقلبات المزاجية، اشرح كيف يقبل ويرفض نفس الشئ في فترات زمنية متقاربة، الشئ الذي سيساعده يوما ان يشكل قراراته من خلال تجارب خاضها لبناء خبرات شخصية للمستقبل. تكلم عن نشوتك وانت تتصرف بالانفصال عن اهلك، الامر الذي سترفضه زوجتك ولكن حالما ستتفهمه عندما تشرح لها انه تجهيز ان ينفصل لأسرته يوماً، قل لها "أم تتمني ان يكون طفلاً مدى الحياة؟" تكلم عن هندامه واهتمامه بشكله ومظهره، وطريقة كلامه ومشيته واهتمامه بمن حوله واربط ذلك بالثقة بالنفس والذكاء الاجتماعي، ففور الانتهاء من مرحلة المراهقة سيكون قد انفتح على العالم بأكمله.. تكلم معها عن متعتها اثناء المراهقة  في ان يكون لها اسرار، عندما تحكي لها هذه القصص تكون قد قدمت لها تفصيلاً عن خصائص المرحلة وتأثيرها في مُستقبله. احكي لها كيف عبرت تلك المرحلة، تكلم عن الخسائر والمكاسب وأسبابها. اشرح لها انه لا خبرة بدون ثمن، والهدف ان نمر بهذه المرحلة بأكبر قدر من الخبرة بأقل جروح.

- تكلم مع زوجتك عن الفارق بين الاولاد والبنات:
على الرغم من سذاجة الفكرة لكن لابد ان تعرف ان زوجتك تُفكر وتُحلل وترى من منظور الفتاة، لذا يجب عليك ان تشرح لها ان الولد مختلف من حيث البنيان والعقل والمشاعر والإرادة والمنهج والغريزة والتكوين والرغبات والميول.

- تكلما عنها في مراهقتها ونظرتها للمراهق:
من المعروف لدينا كشرقيين ان البنت تتربى على ان الولد في هذه المرحلة أشبه بالشيطان الجامح، لذا فعندما تصير أم تجد نفسها مُتوجسة وُمنتظرة الكوارث من كل جانب. دورك كزوج ان تُفند لها الحقيقة وكيفية التعامُل معها، فعندما تضعُ نفسكَ مكانها ستجدها لامعة ودامعة العينين في ترقب وضغط عصبي رهيب قد يقودها لهواجس تكسر الثقة بينها وبين الولد والتي تعتبر هي القناة الوحيدة التي ستعبر به هذه المرحلة. ذكرها بالشاب الروش الذي جذب انتباهها يوماً ودعها تتخيل ابنها.

- اشرح دور الاهل في هذه المرحلة:
تأتي المراهقة صادمة بالنسبة للأهل، فبعد ان اعتادوا على التدخل في كل تفاصيل حياة الولد وقراراته يجدوا انفسهم امام كارثة ان الولد رافض لكل قراراتهم من ناحية ومن تفريغهم من سلطتهم من ناحية أخرى، ومن منطلق المحبة والخوف والشعور بالمسؤولية والأنانية أحياناً يحاول الاهل ان يقسو أكثر على الولد لتنفيذ إرادتهم، وهم لا يعلمون حقيقة الامر أنهم يحرقون كباري التواصل.
ينحصر دور الاهل في هذه المرحلة في الثبات على المحبة والعطاء الغير مشروط برغم كل الرفض الذي يُوجه ضدهم أحياناً كثيرة. ان هذه المرحلة يجب ان يكون مبتغى دورك هو ان تكونا أصدقاء للولد، وقتها ووقتها فقط قد يشارككم بعض أخباره وأفكاره. احذر ان يشعر انه مُراقب او مُخون او يُنظر له انه طفل يُقدم تقريرا مُفصلاً. استمر في الاكترار على ما تعلم اثناء طفولته وقدم له أمثلة حية من واقع الحياة لشباب من النقيضين وتأثير ذلك عليهم. 
طبعاً ستسألك زوجتك "مفيش عقاب؟" يجب ان يكون التقويم والعقاب فعال - له تأثير زمني محدد - مصحوب بشرح للقانون المكسور وللهدف خلف التكدير - افعل ذلك بكل محبة وحزم. طبعا ابتعد عن العقاب البدني خصوصا لانه قد يُقاومك الولد فنقع في مشكلة أكبر، كما تجنب المجاهرة بالعقاب في وجود اناساً فهذا يشحن الولد بحجم رهيب من الطاقات السلبية والاحباط وخدش المظهر الذي يجمّله لكل اهتمام. يعتبر حرمان المُراهق من شئ مهم او محبب من أكثر أنواع العقاب تأثيرا. تبقى نقطة حساسة في هذا الموضوع، علينا ان نُفرّق جيداً بين التغير الطبيعي للأجيال والتطور والمبادئ، فلا يُمكن ان نحاسب أولادنا بمقايس جيلنا، مرة أخرى فرق بين تغيرات الزمن وكسر المبادئ، فالأولى ليست قانون ولا يمكن ان يُعاقب عليها، ولكن المبادئ المفروض الا تتغير أبداً.

- تكلم عن الناتج النهائي المطلوب بعد المراهقة:
من المعروف عن الأمهات انها تنتظر الكمال من الولد اليوم، تنتظر الكمال في كل التفاصيل؛ في الواجب، في حجرته، في أصدقائه، في المسؤولية، في الاحترام، في الاختيارات، في الروحيات. ولكن علينا ان نعلم ان الشاب اثناء تلك المرحلة مثالي وسريع الإحباط.. فهو يريد ان يكون كل شئ، ولكن نضوجه النامي يحيل دون ذلك، فتجده سريعاً ما يترك الجمل بما حمل. هنا أهمية ان نعرف الحساب والتقييم والتقويم والتعديل لا يسير واحدة بواحدة، وموقف بموقف وان كنا لن نتنازل عن المبادئ في اي مرحلة لكن اعلم ان صلابة رقبة المراهق قد تكسرها قسوة الحكم عليه، من المهم جداً ان نرضى بالخسائر المحدودة للوصول للمكسب الكبير. علينا ان نعلم ان مفتاح المراهق هو قيمته وتشجيعه، ويسيرا الاثنان جانباً الى جنب طوال تلك الفترة. تكلم عن قيمته طوال الوقت وتصيد الفرص لتشجيعه، امتدحه وستجد طاقة جبارة تدفعه ليعمل المزيد من اجل المدح. وقتها سيكون نظرك مُثبت على الناتج النهائي للمرحلة وليس انتصار لمعارك صغير تُفقدك جولاتها المنال النهائي.

- اكد محدودية مسؤوليتكما على الرغم من أهميتها:
لقد نشاء أطفال وشباب في بيوت منهدمة، مفككة ومُنحلة ولكن خرج منها رجال ونساء مُحترمين، ذو نضوج ورسالة في الحياة، كما نشاء آخرون في بيوت وفرت لهم كل المقومات للنجاح، الامر الذي أطاح بهم الى مذابل المجتمع.. علينا ان نعرف ان أولادنا ليسوا ملكاً لنا ولا مسؤوليتنا بمفردنا.. أؤمن واعرف واختبرت ان الله وحده هو الذي يحملك ويحمل أولادك.. هو وحده الذي يستطيع ان يُكمل نقائص الوالدين، فمن منا كفء لهذه المهمة الرهيبة؟ عليك ان تكلم إلهك عن أولادك أكثر من ان تكلمهم عنه، اعرف ان الصلاة افضل من الميراث، علينا ان نكون قدوة لا قادة لأولادنا. راجع نفسك والمشاكل المتكررة مع اولادك وستجدها نقاط ضعف فينا نحن أساساً.
في أوقات الهدف بيكون داخل الصندوق وفي أوقات اكتر بيبقى الهدف خارجه. لقد امتلأت الصناديق بالأهداف المكررة والمحروقة والمتشابهة والمستهلكة… تعلم القفز خارج المعتاد والعادي والمتداول والطبيعي والموروث والمُكتسب… ستُذهل من نفسك ومن طاقاتك التي اعطاها لك خالقك… ولا ترهب الفشل، ففي نظري الفشل ما هو إلا دافع وطاقة مخزونة لفرحة النجاح.

إبداء بان تفعل ما اعتدت عليه بطريقة جديدة ثم تحول لتفعل ما لم تعتاد علية. أفرح بتفرُّدك 

سؤال المزيكة ازاي بتعدي الودان وتلعب في الوجدان كده؟!

سؤال
المزيكة ازاي بتعدي الودان وتلعب في الوجدان كده؟!
حاسس الناس عندها طبلة في ودنها وانا عندي ناحية طبلة وناحية رق!!
لو عايز أركز في حاجة، بسمع حاجة واحدة ٥٠ مرة على التوالي وببقى قمة التركيز والإنجاز وفوقهم الاستمتاع!!
كتير بأتمنى اي شغلانة لها علاقة بالصوتيات والمزيكة ولو ساعي، بفهم في الصوت شوية من ساعة ما كنت في ٥ ابتدائي وفي المزيكة ابيض من قوطونيل!! ليه بعشقها كده؟ يمكن علشان ماعرفهاش؟! بتحركني!!
مهم قوي يكون الصوت حلو، قبل الجواز كنت عايش وكنت خارب بيت اللي خلفوني أجهزة، أبويا كان يقول لي انت كده هتتطرش والجيران هايطلبوا البوليس.. ممكن ارهن حد من العيال علشان اشتري اللي نفسي فيه، في بيتي عندي سماعات في كل حتة بما فيها الحمام... في المكتب كنت باقفل الباب علشان الشباب يعرف يشتغل وانا كنت باخربها بسمعات زي بتاعت الحفلات!! في الأفراح باسأل مين ال DJ؟ وبحس الفرق في الصور... وساعات باستعمل سدادات الودان علشان الراجل مايفصلنيش لو بيهبل.. باطلب التراكات بعد الفرح علشان اشغلها وانا شغال في الصور.. الموضوع ليه جزور وذكريات كتير.. سعات بحسها نعمة وسعات بحسها خطية!! ياله مش وقته...
السؤال بقى، في حد ممكن يساعدني؟! :-$

قصة اب وشاب وپيتزا..

قررت قضاء جزء من يوم مع ابني، حضرنا كل شئ، وقسمنا الوقت ووضعنا البرنامج. فور الانتهاء من الترتيبات صرخ الولد هامساً "هاي سنقضي يوما سعيداً بلا ستات" مُشيرا الى انشغال امه ومصاحبة أخته لها. ضحكت وقلت لنفسي "صح" وقلت له "عيب كده"

جاء الوقت للتنفيذ، كان ترتيب بعض الاغراض بالمنزل وبعض الالتزامات المؤجلة اول جزء من الخطة، جاء وقت اعداد الطعام وطبعاً اتصلت بزوجتي خمس مرات في ثلاث دقائق لأسئلها عن طريقة تحضير الپيتزا على الرغم من وجودها على العلبة (طبعا هي پيتزا جاهزة أساساً) المهم أسئلة مثل: كيفية تشغيل الفرن ودرجة الحرارة وأي رف في الفرن وكيفية ضبط توقيته وهكذا.. آخر مكالمة كان سببها نقاش حاد بيني وبين الولد حول إذا ما كنا سنضع الپيتزا في الفرن بالقاعدة الكارتونية أم لا؟ ذلك بعد ان شرعت في وضعها في الفرن بالقاعدة أصلاً. كان موقف مُحرج بعض الشئ وانا اسمع من مراتي "لا طبعاً! كارتون ايه اللي في الفرن؟!" أنهيت المكالمة في هدوء وغافلت الولد وسحبتها في صمت.. المهم نضجت الپيتزا، أعددنا المشاريب وارتدينا ملابس السباحة وحضّرنا مستلزماتها.. أكلنا واستمتعنا بالوقت الى حدٍ كبير، بلبطنا وضحكنا، تكلمنا بجد وتجاذبنا اطراف الحديث في المواضيع المختلفة ولعبنا طاولة طبعاً.. حققنا اغلب ما خططناه ولكن انتهى الوقت سريعاً للالتزمات المختلفة..

سبقته الى داخل المنزل، فور دخولي شعرت بدفئ غريب، توجهت للفرن فاكتشفت انه مازال مشتعل!! كلمت زوجتي غاضباً مُشيراً لاني قد ضبط الإيقاف الاوتوماتيكي فانتابتها نوبة من الضحك، اغلقت التليفون وتذكرت كلمة الولد وقلت لنفسي "نعم سنقضي يوما سعيداً بلا ستات" واستكملنا بعض الوقت في البيت في درجة حرارة تقترب من درجة الغليان ..

الخلاصة: من آن الآخر خصص وقتاً مع ابنك او بنتك على حدا، تكلم معه عن مشروعٍ ما حتى ولو كان صغيراً مثل هذا اليوم الذي اعددناه سوياً.. حمسه للفكرة ودعه يتبنها ويخططها، تكلم في التفاصيل، والتطبيقات واسأل اسئلة لتفتيح مداركه وإبداعه، حدد الإطار الزمني والتطلعات، ساعده على ان يكون متوازناً ما بين الالتزام ببعض الواجبات الجادة والمرح واللعب وصولاً لمشروع ناجح في النهاية. حدد له ادواراً ومهام قابلة للتحقيق ودعه يتعامل مع تفاصيلها بمفرده. أثناء التنفيذ قد تجد بعض الترتيبات غير قابلة للتنفيذ؛ دورك وقتها هو ان تدعه يصل لهذه القناعة بمفرده ولا تمليها عليه. امتدحه كلما أتتك الفرصة واسأله عن رأيه بعد الانتهاء من المشروع. هذا الطفل أو الطفلة هو مشروع اسرة فاستثمر فيه كثيراً.
اعلم علم اليقين ان قصتي مع والدي ليست الفريدة ولا الاولى من نوعها، أغلبنا لديه الكثير ليقوله في والديه، كما ان أيام العمر تشهد عن حقيقة جلية، وهي ان الله أكرمنا بأباء وأمهات اتقياء أناروا لنا الطريق في عالم مُظلم. وكل من استمتع وأُعجب بكلماتي البسيطة والهزيلة يعرف يقيناً انها لمحة من كُتب ومجلدات لذكريات وعلامات على الطريق عبر سنين من عطاء بلا حدود وحب لا يعرف سدود وقلوب عاشت تخشع لرب الوجود! اشكر كل من شاركني سعادتي بهذا اليوم وليدم الله المحبة الفائضة من قلوبكم في عالم تشققت قلوب سُكانه من الجفاف.

وبقيت كلمة لكل من حُرم من هذه المحبة لسببٍ او لغيره دعني اقول لك ان منبع هذا الحب والحنان الذي استقى منه هؤلاء الآباء والأمهات الأفاضل مازال يتدفق ولك ان ترتوي منه مباشرة. انه المحب الذي لن تفقده والحب الذي لا يساويه ثمن ولا ينتظر ُقابل، حبٍ تجسد في شخصٍ حي احب حتى الموت اسمه يسوع. وأنصحك الا تتعب باطلاً في البحث عن هذا الحب بين البشر.

اليوم عيد ميلاد رجل عظيم "أبي" ابي .. مراحل ومراحم العمر!



عشت طفولة تمنيت لو دامت العمر كله، يقولون أني كنت مدلل، وليكن فانا لست غاضباً ولا غاصباً، اعرف أني كنت لُعبتك وان كنت لا اذكر من هذه المرحلة الذهبية الا الطفيف. اعرف كم عانيت من الخراب والفساد المتأصلين فيّ، اذكر الجرامافون الذي فتّته في أعوامي الأُول، وغيره من عشرات المصائب التي كانت تنتظرك فور وصولك المنزل! لقد طلبت ولداً فاتاك هدداً… لا اذكر كم نافذة تهشمت في البيت ولا أتمنى آن تسعفك الذاكرة لتُعيدها علي، لا اذكر كم مرة اصطحب توقيعك على الشهادة كلمات اللوم والعقاب أحيانا، كما لا اذكر كم مرة زورت توقيعك للهروب من هذا الموقف. حقيقةً، لا اذكر كم مرة كلمك مدرس عن ميولي للانحراف، صحيح كنت طفل فخر وشرف دون جدال!! اذكر يوم ضاق بك الحال حتى هددتني بوضعي في مؤسسة الاحداث! فعلاً فما تبقى لي من ذكريات يجعلني اقول كان معك حق… رغم كل هذا اذكر محبة غير عادية، صادقة وحانية في لمستك ونظرتك لي على مر السنين ويبقى شعور السعادة والبهجة داخلي أبداً كلما اضحكتك من القلب. أبي انت الحب..

اذكر مرحلة المراهقة المُرهقة، وأقولها بكل يقين انك ادرتها بكل حكمة ومحبة، رغم تقلباتها وجنونها، أتخيل اليوم بعد ان اصبحت أباً كم كان الامر صعب بل عسيرا! ولا اعتقد أبداً أني سأحذو حذوك فقط لعدم مقدرتي! أتذكر منها الكثير الذي لن اذكر منه الا موضوع واحد قفز بذهني الآن وهو قيادة السيارة في مرحلة الإعدادي بدون رخصة وإصراري السير في الاتجاه المُعاكس للشارع! آه لو ابني عمل فيّ هكذا! قد يرى البعض وكأن الامر قد انفلت من يدك او خرج عن السيطرة، وحتى لو شعرت انا نفسي في بعض المرات بنُصرة المراهق، ولكنك كنت الاحكم والاذكى حتى مررت بي بسلام من هذا الإعصار دون انكسار. اذكر ضاحكاً يوم تخرجت من الجامعة وقبل ان تقول لي مبروك قلت لي مبتسماً وفخوراً "انت اثبت لي ان التعليم في مصر فاشل". أبي انت الحكمة..

لقد وصلت بي للنضوج المصحوب بكم هائل من الخبرات الشخصية العملية بأقل الخسائر، أرى حولي اقران لم يكتمل نضوجهم بعد وآخرين يتخبطون متعثرين في الدرجات الأولى من السُلم! دعني أقولها لن تصف الكلمات إحساسي عندما آري في عينك نظرة الفخر او الثقة، لن تصف الكلمات فرحتي عندما اجدني تخطيت توقعاتك مني. اُقدر جداً احترامك لعقلي حتى وان لم توافقني الفكر أحياناً. استمتعت بسنوات الصداقة والصحبة في هذه المرحلة، لا اذكر كم مرة اصطحبتك لمشاوير لا علاقة لك بها، فقط بدافع الصحبة واستثمار الفرصة لأكون بالقرب منك. حقاً كلماتك علمتني الكثير وصمتك حفر في دروساً لن تُمحي. أبي انت الصديق..

وها اليوم وان كنت قد بَعُدت عنك جُغرافياً وقبلها انفصلت للزواج كما قال الكتاب ولكني أعيش وجودك في حياتي كل يوم، يكفيني شعوري بالمحبة والاهتمام لي ولبيتي. كم ينتابني راحة غريبة عندما اُشاركك ظروفي وكم تكون السند والخبرة وحتي المرات التي لم تُقدم لي حلاً فسماعك لي يُزيح عني ثقلي ويريحني. لم اُصلي لاولادي كما صليت لي، ولا أراهم محظوظين كما كنت انا بأباً مثلك. اعرف انه هناك وعلى بُعد آلاف الأميال أباً يقف في الثغر بيدين مرفوعتين نحو السماء. أبي انت الأب..

كل سنة وانت طيب…
ابن مديون

فطيرة بالسجق!

طبعاً في الغربة بيتألق القول "كل محجوب (ممنوع سابقاً) مرغوب" طلبت معايا فطير بالسجق، قلت اقول لماريان، وطبعاً أكلت النهارده فطيرة بالسجق بكل ما تعنيه الكلمة وكادت ان تخرم معدتي من الحموضة، ساعتها بس عرفت انها أصلية… براڤوووو ماريان…
** اعرف انني ساتسبب في مشاكل لزوجات كثيرات ولكني لم اقدر الا أن أشكرها وامدحها جهارة بس ياريت تشوفي حل للقرمشة علشان بحبها أطرى من كده شوية ؛-& وفاضل الطعمية المحشية ومش بحب فول العلب. :-!
يبنى الإخوان المسلحون سدودهم وسواترهم الآن بعد ان سقطت سواترهم وأقنعتهم، فلم يعد لهم ما يخفون به خياناتهم المتكررة للوطن. لم يعد للنفاق والشحن باسم الدين ضد الأمريكان واليهود الكفرة - كما ادعوا قديماً - مكاناً بعد ان انكشفت مخططاتهم الحقيرة معهم، ليس هذا فحسب، لكنهم باتوا يطلبون مساعداتهم، ضاربين عرض الحائط بكل المبادئ والقيم طالبين تدخل أجنبي…
اي مبادئ وقيم هذه!! انها لم تكن موجودة من اصله… لقد سقطت اقنعتهم بعد ان باعوا كل ما تمسحوا فيه وفشلوا في الوصول لغاياتهم وتبديد البلد من خلاله… اي شرعية هذه التي يتكلم عنها هؤلاء؟ اي سلمية يعرفونها؟ عن اي ديمقراطية وسيادة قانون او حقوق يتكلمون؟ عن اي حرية وعن اي عدالة ينادون؟ لقد عادت جميعها لسلال قمامتهم وباتوا يبنون سدوداً ومتاريساً استعداداً لحرب مُسلحة حقيرة مُظهرين وجههم القديم القبيح، مستخدمين جرمهم ومُجرميهم الإرهابيين ليضحون بالإبرياء المغيبين والمُجندين من الشعب في سَعَرٍ حقيقي لتحقيق أمنهم واهدافاً أخرتها جهنم.
ماذا تنتظر من بشرٍ يتحرشون بدينهم لأغراض وقحة؟ اي حقوق تُطالب بها لهم؟ عليك بتجريدهم من سلاحهم والسيطرة على هذه الرؤوس المُدبرة وبعد ذلك أبدأ في علاجهم ومفاوضتهم وسماع ما يطلبونه، كيف سأستمع لك وسلاحك موجه في وجهي؟! كيف سنتباحث دون لغة مشتركة؟ لا هدنة ولا حوار ولا حقوق لمن لا يعرف معنى للعقل والحقوق… والقانون لا يحمي المغفلين…
نحن لسنا أمام حزب سياسي او جماعه دينيه لها فكر تطالب به ولكننا في حرب مسلحه مع عدو تسلل الي ارض الوطن عبر السنين اسمه الإرهاب، وعلينا جميعا ان نقف وراء الجيش بكل قوة وعليه مُحاربتها بكل سرعة وجد وقسوة حتي ولو كانت البطاقة الشخصية تحمل الجنسية المصرية فهؤلاء الأعداء قد باعوا دينهم ووطنهم. وبالنسبة للدول التي تُطالب لهم بالحرية فعليها ان تعرف أننا نعمل على خلاص بلادكم من الإرهاب الذي تُصفعون به هنا وهناك، ونحن نعلم أننا مُلامون على اي حال فمصر في نظركم مُصّدرة للإرهاب وعندما تُحاول القضاء عليه تُتهم بالعنف والقسوة! عجيب أمركم يا بشر!
يا رب انت الناصر لهذا البلد.

ذاكرة مراتي!


من المعروف لدى جميع الأصدقاء والعائلة ان زوجتي تمتاز بذاكرة فولاذية ولكن في كل مرة تُذهلني في بُعدٍ جديد، واليكم الواقعة:
جلسنا لنضع الجدول الزمني للأسبوع وقُلت "طيب يوم الاثنين ٢٣ ها نعمل كذا وكذا" وإذ بها تُقاطعني لتقول لي "أزاي يوم الاثنين ٢٣ في الشهر؟ السنة اللي فاتت ٢٣ يوليو كان يوم اثنين!" وفجأة يا محترم خرجت عن شعوري في حالة من الهزي والصراخ والعويل فاقداً كل عقل وهي تضحك بلا توقف… وبعد دقائق ووجدت نفسي أكرر "انا مش فاكر فطرت ايه النهارده! … انا مش فاكر فطرت ايه النهارده!"
حد عنده حل؟!! 

تيجي ننسى زمن الإخوان ونرّجع زمن الإخوات؟


أمسك نفسك شوية، شوية نُضج وشوية ضبط نفس بربع جنيه بس، مش كل واحد فاضي ها يعمل سياسي ومناضل وثورجي وزعيم وقائد وقيادي وقاضي. كمية مرعبة من الانتقاد والانتقاص ورفض وفرض الآراء والتخوين وتبادل السباب ورسم الاسباب، الاهتمامات الناعمة والاتهامات الخشِنة، وفي الاخر تلاقي نفسك عمال تخسر في أصحابك وقرايبك وبلوك هنا وبلاك بلوك هناك، وانت حاسس انك زعيم وفرحان والدنيا مش سايعاك لأنك كنت مكتوم على نفسك سنين وما صدّقت تتكلم… كل واحد فينا نفسه تجيله فرصة يمسك ميكروفون ويكلم ال٩٠ مليون؛ يطلع يخطب ويشرح ويشارك ويقول ده كُخة وده نايس، نعمل كده او كده غلط… كفاية إن كل واحد فينا عمال يعلّم على كل اللي حواليه ده وطني وده واطي وده عميل وده هارب وده خسيس. إحياتك أمسك نفسك شوية، مش ناقصين انقسامات وتحزبات وعنصرية وعُقد نقص وإسقاط وفتن، مش ناقصين تفكُك وإهدار للوقت والطاقة، مش ناقصين إحباط وفشل وتهميش، مش ناقصين دبح وقتل ودم.
دع الخلق للخالق وروح شوف اللي وراك، ابتدي بمذكرتك لو طالب او بيتك او عيالك او شغلك إذا كان عندك. اتعب وأنجز وحقق أهدافك، خليك مواطن، عيش دورك، حب البلد ولما تحس ان ليك دور في حشد او ثورة او إبداء رأي او تصويت او انتخاب أوعى تتراجع، لكن بعد ما توصل للي محلمتش بيه انه يحصل - زي ماهو حاصل اليومين دول - خد نفسك وارجع لمكانك تاني. وإذا كنت فعلاً فاضي وخلصت الشغل او الواجب او المواعين وريحت وشربت الشاي وكله تمام، ممكن تفكر بطريقة إيجابية في إيجاد أرضيات مشتركة وناضجة للتعاون والتعايش والتفاهم والمُضي قُدماً لمستقبل هذا البلد بكل أطيافه وثقافاته الكثيرة والمختلفة والمتخالفة، ففي كل بيت وشلة ومجموعة الناس مختلفين ومنقسمين فبدلاً من ان تُضيع عمرك في إيجاد الاختلافات وتعليق المشاكل عليها والتعَلُّق بها خذ موقف إيجابي إحياتك يا شيخ.
مش عيب ولا حرام ولا غلط ولا خيانة انك تسيب الناس في حالها تشوف شغلها أياً كان جيش ولا شرطة ولا رئاسة ولا منظمات حقوقية ولا حكومة، حتى لو انت معترض على الناس ديه او حاسس ان عندهم دوافع مختلفة، المهم دلوقتي ان المصالح متوازية وخصوصاً وانت في مرحلة مش فاهم فيها كتير، والمعلومات اللي عندك ماتكفيش تاخد بناء عليها قرار حتى انك تخش الحمام! انا مش باقول ماتفرحش بالنصر والانجاز والنجاح ولا بأسلبك دورك ووطنيتك بس ببساطة بقول شوف الصورة الكبيرة، وراجع دورك فيها ايه؟ واهتم بانك تنفذه. لان الحالة اللي احنا فيها عمرها ما هاتبقى ضالتك المنشودة، ولا الدور اللي انت قايم بيه هايفضل دورك لآخر العمر، لو حواليك ١٠-١٥ واحد بيسمعوا كلامك لازم تعرف انك مسؤول ان الناس دي تشوف فيك نضج وتحثُهم انهم يبقوا مواطنين، منهم التاجر والعامل والطبيب والمهندس والكناس والمحاسب والمكوجي والسواق وغيره، كل واحد لازم يشوف اللي ورآه علشان هو ده اللي بيبني الشعوب والحضارة والتقدم والنهضة (إذا كان مصطلح النهضة مازال قائم) انزل من على المنصة شوية… سيبك من اللعبة القذرة اللي اسمها السياسة، وكمان دي كلمة كبيرة ناس بتقعد تذاكر سنين وسنين فيها واحنا بصراحة كلنا نموت في الفتي… بلاش فراغ… فكك بقي من دور البطولة ومتابعة الآراء والافتراضات والسيناريوهات والإشاعات والتوقُعات والخطط والمخططات. سيبك من مسميات الجُمعات والجََماعات، أبو أوباما وام أمريكا وإسرائيل وتركيا وفلسطين وسوريا وروسيا وبوسيا، سيبك من الجابهة واللي جابها، سيبك من اللي لبس الطرحة ومرسي والكرسي والعريان والبردان، سيبك من حمزاوي ونوارة و٦ أبريل والنشطاء، سيبك من انقلاب ولا ثورة، سيبك من الاخوان والشارع اللي قلب الشَرعية والشِعرية والعَرشية والعِشَرية، سيبك من الطرف التالت والأصابع والدراعات والخوازيق، سيبك من المقارنات بين ٢٥ يناير و ٣٠ يوليو.
فاجمالاً ما قد وصلنا اليه اليوم هو مجموع كل هذه الأشياء وشوية حاجات تاني تعرف منها شوية والاكتر ولا تعرف عنه حاجة. ربنا استخدمهم كلهم في حكمته علشان يعمل بيهم شوية حجات كان لازم تحصل، كان لازم شوية أقنعة تسقط وشوية ناس تموت وشوية ناس تتولد وشوية ناس تفهم وشوية ناس تتغير، وشوية مفاهيم وأفكار وتصورات وخيالات يتسلط عليها النور وحاجات تاني كتير مانعرفش عنها حاجة ربنا وحده اللي عارفها. كتير بحس أني محتاج اعرف حجمي، ومحتاج اعرف كمان ان في رب موجود بيستخدم كل الظروف بما فيه شر الإنسان علشان هو الخالق وعنده خطة أعظم وأعمق وارقى واصلح من مخططات العالم وشره وحروبه وصراعاته وأحلامه الهشة والهزيلة… يالله بينا نلعب إخوات بقى؟
إلى زملائي من الحضانة، الى أصدقاء الابتدائي والإعدادي مروراً بالثانوي والجامعة واساتذتي ومُعلميا. إلى من وقف جانبي على محطة الأوتوبيس، او من افسح لي مكاناً لقدم في المواصلات أيام المدرسة، إلى من أنقذ حياتي مرة تحت عجلات المترو وآخرى تحت عجلات الأوتوبيس أثناء طيش الصبا، إلى جيراني واصحابي، إلي عملائي وزملائي وفريق عملي، إلى من قابلته مرة في قطار او طائرة او على عربية الفول. إلى طبيب عالجني او مهني ساعدني. إلى محام ترافع عني او رجل أعمال عاملته. إلى من تعرفت عليه من خلال شبكات التواصل الاجتماعي او شبابيك المصالح الحكومية، إلى من موقف يدافع عني عندما تطاول غيره، إلى كل من راسلني ليطيب خاطري يوم نزف دم المسيحيين في الشوارع، إلى كل من صادقته وتقاربنا وتعانقنا. إلى كل من جاء ليواسيني في فقد عزيزٍ على مر السنين ومُر الحياة. إلى كل من يعرف أننا نسيج واحد حي ينبض بوطن، إلى كل من يعرف ان مصلحتنا مشتركة، إلى كل من عاش يحترم غيره بغض النظر عن الاختلاف او الخلاف، ولكن ليس إلى هؤلاء فحسب، فإيماني وتعليمي وقناعتي وضميري وإلهي يجعلني أقول إلى كل كاره لي ولديني، إلى كل من يُكفرني ويحلل دمي سواء كان لعُقدة او عَقيدة، إلى كل من حرق أنجيلنا او تطاول على الهنا، إلى كل من يُبغضنا ويرى في موتنا رضى لربه، إلى كل من رأى في نجاحنا مراراً او في إنجازنا عدواً، إلى كل من يرانا خنازير وقِردة وانجاس وفُجار ولا اخلاقيون اقول:
عزيزي،
على الرغم انني قد لا أرى في هذا الشهر ما تراه، او قد لا أؤمن بما تؤمن به، او حتى قد لا اقتنع بما تعتنق، قد لا اشعر ما تشعر، إلا انني اكن لك كل الاحترام والمحبة الحقيقية والخالصة في أعماق قلبي وفكري، وأدعو ربي ان يتقبّل منك في هذا الشهر، فيكون بمثابة نقلة جديدة وبُعد أعمق للقُرب من ربك، كل رمضان وانتم بخير يا مسلمي وطن يُصهر أعداءه ويُظهر ودعاؤه.

أوعى تموت يوم ٣٠ يونية قبل ما تقراء الكلمتين دول!


أصل في حاجة ونفسي أقولها علشان أبقى قلت اللي في ضميري، وأريح نَفسي… أوعى تزعل مني، ولو مُصّر تزعل هخاف عليك تندم.
خلي بالك الناس اللي بتموت شهداء دول مش لازم يكونوا رايحين على السما او الجنة. لان السما ليها طريق للوصول لها مبني على إيمان واعتناق وعقيدة وحياة وليس مجرد ان الواحد تدهسه دبابة او يموت مخنوق بالغاز او حتى يموت محروق او مدبوح يروح السما. يعني لو في حرب بين بلدين كل واحد يشعر بان ايمانه وديانته وعقيدته هي ما توصله للسما / الجنة وسقط من كلا البلدين قتلا حرب واعتبرناهم شهداء الحرب، فاي منهم سيصل لجهنم وأي منهم سيصل للأبدية السعيدة؟ لا تحاول ان تُقنعني ان البلد التي تؤمن وتعبد الشمس وتعتبرها إله سيصل شهداءها الى نفس نهاية غيرهم...
علينا ان نسلم بان معنى ومسمى كلمة شهيد لا يعني أبدا ضمان ما بعد الموت، فالاساس هو الإيمان الذي رسخ في قلبك قبل ان تموت. وإلا فنحن ندفع شباباً متحمساً مجنداً مولعاً بهذا الحلم الزائف الى الجحيم، والحقيقة ان جهلهم بطريق الوصول للأمان لما بعد الموت لا يعنى أبداً اعفاءهم من النتيجة الحتمية لهذا الجهل. خذ مثال بسيط لهؤلاء المجندين من جهات إرهابية لأعمال انتحارية ضد ابرياء، فمن المؤكد ان كل فرد من هذه العناصر عند اتخاذ قرار انتحاري مثل هذا يكون قد لمع أمامه ما هو أثمن من حياته على الارض ولكن هل هذه حقيقة؟!
ببساطة أقول ان اعتبرنا قتلى الثورة شهداء فهم "شهداء الثورة" وجدير بهم ان يُكرّموا وتُكتب اسماءهم من ذهب في الشوارع والميادين وكتب التاريخ لتعرف الاجيال من هم الذين دفعوا حياتهم ثمناً لحياةٍ وغدٍ افضل. نعم شهداء الوطن ولكنهم ليسو شهداء إيمانهم او عقيدتهم، وحتى الاستشهاد من اجل عقيدة دون إيمان قلبي وحياة وقناعة حقيقية توصّلك ان تقدم حياتك من اجل ان يُكرم الاسم الذي دُعي عليك فهذا أيضاً عبث وضلال ولن يضمن لك ما بعد الموت.
ولكن هنا البعد الجوهري فان الله الخالق له طريق واحد مهما تعددت اختراعات البشر في عباداتهم وطقوسهم ودياناتهم ومصطلحاتهم وتعريفاتها. لقد قال أحدهم قبلاً "من ليس له ما يموت لأجله ليس له ما يعيش لأجله" ولكن يالها من خيبة أمل وندم وحسرة وهلع وكسرة من سيموت لشئ ويكتشف ان ما مات لأجله ليس أكثر من بوابة سريعة وطريق مُختصر صاروخي للوصول للجحيم!
قول يا رب اكشف عن عيني حتى أعرفك واعرف الطريق الصحيح وقتها لن تهاب الموت ولن تفرط في حياتك رخيصاً…

Friday, June 28, 2013

حبيبي باسم

أكرمتُ سيدك بحملٍ ثقيل لأعوامٍ طوال. عشتَ تعتصرُ لتُخرج مجداً وإكراماً وشهادة لسيدك، عشت ترنيمة حيّة تُغنى للرب وشعبهِ، انشودة كُتبت كلماتها بقطرات من الحُبُرِ لا الحِبر…
وها قد جاء يوم الافتراق عن شريكة حياتك، وما اصعبه يوم على شخص رقيق المشاعر مثلك! نعم حبيبي اليوم تدمع ولكن أؤمن ان رائحة المسيح الذكية ستظل وحدها هي ما تملأ المشهد والقلب. اعرف انك بكيت انهاراً وتضرّعت لياليٍ، انتظرت نهاراً، فسودّت سنين اللياليٍ! إلا ان اشراقة جديدة بخلاف ما حالمتُ وحالِمنا تسطع اليوم؛ إشراقة تحمل فصلاً جديداً من قصة حبٍ عجيب فاق إدراك البشر، فصلاً فيه تلتقط مُجدداً انفاسك من أنفاس الله، فهو وحده السند، هو وحده الذي يعرف كل الإجابات والإجابيات، الم البِعاد ومختلف الأبعاد، عمق الجروح وكثرة الفروح، يضمن المستقبل ويحفظ المُستَقبِل. فصلٌ سترى وتشعر وتسمع فيه سيدك يقول من جديد لكم كأسرة وأفراد "محبة أبدية أحببتَكُم"
وإن كنتم نورا وناراً ملتهبة لمجده وسط شعبه، إلا انني موقن أنكم لم تكونوا مجرد واجهة خارجية لتمجيد الله بين الناس فقط، ولكن داخلياً اعرف تماماً أنكم بُركتم واستمتعتم بمحبته ورقته وعنايته طوال سنين المرض والحروب. والجميل ان هذه البركات والمعية والمحبة مازالات جميعها لك من ابيك، لك هنا على الارض ولك كَنزٌ ابدياً في السماء… وأقولها مجدداً وبكل إيمان وان كانت شمس وبسمة المحبوبة زوجتك واختنا نرمين قد غابت عن العيون إلا انها أشرقت امام سيدها لتفرح والى الابد، وقريباً ستُتوج بكل الأكاليل التي أكرمها بها سيدها، وإن كانت اوتاد الخيمة أُقتلِعت امام عينيك واحداً تلو الآخر إلا انك تؤمن وتعي وتثق فيمن أودعته وديعتك.
افرح يا اخي فاللقاء قريب..

Friday, June 21, 2013

دروس مُستفادة من مرض فريد

عدنا اليوم بعد متابعة (استشارة) الطبيبة حيث طمأنتنا على صحة فريد وجلسنا لتناول الغذاء وسألت"ايه الدروس والحاجات الإيجابية اللي حصلت من مرض فريد؟" وكان للولد الدور الأكبر في المشاركة:
١- الله يستجب للصلاة.
٢- عرف فريد واهله انه يثق في الله ثقة شديدة فرغم خطورة المرض لم يستمر قلقه بعد ان ذكّره والده ان اُمورنا في يد الله.
٣- عرفنا قدر محبة الناس.
٤- تعلم فريد ضبط النفس حيث حضرت له هدايا عيد ميلاده ل
كنه لم يكن باستطاعته اللعب بها لمرضه.
٤- فريد فقد بعض الوزن الزائد.
٥- قالت ماريان ان شادي جوز ايجابي - مُجاملة ؛-)
٦- عرف فريد اكثر عن قدر اهتمام اهله به وحساسيتهم لاحتياجاته المختلفة.
٧- فريد وليلى اشتاقا لبعض لحرمانهم من بعض خلال فترة المرض خوفاً من العدوة.
٨- رغم البقاء في المنزل إلا أننا استمتعنا ببعض وتقارب بعضنا البعض أكثر.
٩- عرفنا ان الله يتحكم في أدق الأمور فلم تنتقل العدوة لاي واحد لان الله يعرف ما يفعل.
١٠- الله غلب الشيطان في محاولته ان يضر جسد فريد.
١١- ان الله يُجهزنا للتجربة ويعطي تشجيع خاص وسلام حقيقي.
١٢- رُحم فرد من طلبات أهله المتواصلة أثناء فترة المرض.
١٣- اثبت فريد شجاعته وقدرته عندما حاول كارلوس الممرض ثلاث محاولات لتركيب إبرة الكانيولا في يده.
١٤- بات فريد مستمتعا بجوار والده لمدة اسبوع. وباقي الاطراف أيضاً!
١٥- قال شادي وماريان "العيال وسنينها والعايز العيال وسنينه"
...... واللي عنده حاجة يقولها 

ربي لست أعلم ما تحمله الأيام لي

ربي لست أعلم ما تحمله الأيام لي،
لكن يا سيدي الحبيب يكفيني شيء واحد
ثقتي أنك معي…
ظلت هذه الترنيمة عالقة بذهني طوال الأيام القليلة الماضية، واستوحيت منها جزء فيما كتبت لفريد يوم عيد ميلاده. وكأن ربنا بيثبت عيني عليه ومش على الظروف او المجهول او المستقبل… هذا بالإضافة الي ما تذكرته وذكرته اثناء نفس المقطع أننا قد وضعنا إسحاقنا على المذبح منذ أوائل أيامه.
 ومازالت كلمات الترنيمة تُعاد مِراراً وتكراراً في ذهني حتى بعد مرض الولد. أثناء الدقائق الأولى لنا في المستشفى ونحن ننظر الولد يتنفس بصعوبة وننتظر مقابلة الطبيبة تغيرت كلمات الترنيمة من "ما تحمله الأيام" الى "ما تحمله الدقائق او اللحظات" ورفعت عيني على نصفها الآخير الذي لم يتغير وهو "انك معي"…
لم يتملكنا التوتر حتى لو كان موجوداً فان تجري بطفلك للطوارئ الساعة الثانية صباحاً مُصاباً بضيق في التنفس ليس امراً سهلاً. وحاول الشيطان ان يضرب زوجتي باحساس بالذنب لعدم تحركها مبكراً، الشئ الذي ادمعها وابكاها. وجدتني اقول لها بكل حزم "تفتكري ربنا هايسيب الولد يتضر علشان تقصيرنا؟ هو ده بتعنا؟ وأكملت، افتراضي ان ربنا عايز ياخده! ده مش بتاعنا، مش إحنا عارفين الكلام ده؟" وشعرت أني قد أثقلت عليها ولكنها فاجأتني قائلة "ان الموضوع ده مش هو المخوفني خالص" وكأنها تؤكد ما قلت.
 في كثير من الأحيان ننطق ونرتل كلمات ونتفكر في بعض الافكار يستخدمها روح الله لتشجيعنا أثناء الأوقات الصعبة. لم يكن الموقف بالسهولة التي قصدتها من الصورة والتعليق ولا حتى نظرة الولد المُضحكة لتخفيف الخبر على أهلنا واصدقائنا… فقبل معرفة نوع المرض بدقائق قال لنا الممرض "أشجعك ان تأخذ هذه الرضيعة (ليلة بنتي) خارج المستشفى حالاً لانه في حالتين من الالتهاب الرئوي" ومن هنا عرف الولد ان هذا المرض خطير، وبعد دقائق شعر انه مهدد لانه سمع انه مصاب بنفس المرض. أثناء اصطحابه لحجرة الإشاعة سألني في هدوء مسيطراً على قلقه "هل هذا المرض سيؤدي للموت؟" طمأنته وسألته "هي كل أمور حياتنا في ايد مين؟" قال "ربنا" قلت له "هو في أحسن من كده؟" فاطمأن ولم يهتم بالأمر من وقتها.
مهم جداً ان الواحد يكون عنده رصيد في علاقته بالله، واقصد بكلمة رصيد ليس أعمال ولا أفعال ولا خدمة لكن ان يأخذ الله مساحة من رصيد عقلك وعاطفتك وقلبك. فإذا سمح لك يومٍ بتجربةٍ تجد ان فكرك وقلبك قد اُعدا قبلاً لرد فعل إيجابي صحيح بدلاً من ان تُصبح كالقشة في مهب الريح فيُداعب الشيطان قلبك وعقلك بشره. انا لا ادعي الروحانية ولا الإيمان الكامل ولكن مجرد بضع كلمات لترنيمة استخدمها الله لتشجيعنا. وبالتالي فكما أفسحت مساحة لله في حياتك قلت فرصة الشيطان ان يجد مكاناً لسهامه الملتهبة في فكرك وقلبك. وقتها لن تعيش تحت رعب المجهول والخوف والتحسُب لطعنات وصفعات إبليس لحياتك، لكنك ستأخذ الامر من يد الله الذي يقف في صفك؛ الله الذي لك. وقتها ستقول نفس الكلمات:
ربي لست أعلم ما تحمله الأيام لي،
لكن يا سيدي الحبيب يكفيني شيء واحد
ثقتي أنك معي…

اليوم فريد ابني أكمل ٩ سنين…


فريد، تسع سنوات مرت يا ابني وكأنهم لمحة، اعرف انك خُلقت لهدف وغرض أسمى وأثمن من ان  تكون ابن جميل ومحبوب يستمتع او يفخر بك والديك، منذ يومك الثالث قد وضعتك على المذبح كما فعل أبونا إبراهيم قديماً يوم شعرت أن نَفَسك قد توقف، نعم فيومها علمت أني وكيل عليك أمام الله وأنك لست مِلكاً لنا أبداً. اعرف أيضاً انك وُهبتَ وبُركتَ كثيراً لا لأن تعيش مرتفعاً بل مترفعاً عن ذاتك ومتعلقاً بخالق اودعك الكثير كي ما تستثمر الكل لتتميم خطته الفريدة في حياتك فانت أيضاً وكيلاً ولست مالكاً لهذه العطايا… وإلا ضاعت العطية والموهبة منك يا ابني.
لقد خلقك الله فريداً، الله لا ينسخ البشر يا ابني فلا تستنسخ نفسك من أحداً لتظل فريداً كما خلقك الله وكما رأيتك وسميتك منذ يومك الأول. نعم إن لم تعش الحياة التي وُجِدتَ لها لن تفرح ولن تشعر بالقيمة، أمامك الآلاف أنهوا حياتهم بأيديهم لأنهم لم يعيشوا أدوارهم التي خُليِقوا لها. انت لك رسالة يا ابني.
كل يوم من التسع سنين يشهد عن نعمة وأمانة وصلاح وحفظ وعناية ومحبة وصدق وقدرة وكرم ودقة ورقة وصبر وخطة الله. وان كنت لا اعلم ما تحمله الأيام لنا ولا اعلم اين سيكون كل منا في مثل هذا اليوم بعد عامٍ ولا حتى غداً ولكني اعلم شيئا واحداً انه في كل يومٍ قضيناه معاً قد حاولت قدر المُستطاع ان يُستثمر حسناً. لم احلم يوم ميلادك ان أراك تسع سنوات او عشر او عشرين او عريس او اب كما يفعل الناس، بل عشت استمتع بكل مرحلة على حدة دون اللهث وراء الغد الذي لا اعلمه. فاستمتعت بك وانت جنين وانت رضيع وانت تحبو وانت تمشي وانت تتلعثم وانت تدخل المدرسة وانت تتفوق. يمكن علشان معنديش إحساس بالعمر الطويل؟ يجوز، لكن عندي يقين يا ابني أني ساقف امام الله في يومٍ لأقول له وبناء على نعمته "ها انا والأولاد الذين أعطيتنى" أحبك يا ابني كل الحب. وبقيت كلمة ان محبتي لك قاصرة وعاجزة ومُشوهة وهشة وقليلة ومتغيرة وناقصة وضعيفة أمام محبة هذا الفريد من دفع ثمنك بالدم الكريم حاملاً عارك لتُطلق حراً الى الأبد، يومها كنت في فكره وقلبه فريداً.

أبوك،
١٦ يونية ٢٠١٣

Monday, June 10, 2013

"القانون وعاء العقاب"

"القانون وعاء العقاب" هذا مبدأ أساسي لقوانين الطبيعة، فإذا كسرت القانون انسكب العقاب تلقائياً، فلا مفر منه كما انه لا يحتاج لقوة او شخص يقوم بتطبيق العقوبة؛ فإذا داعبت الافعة ستُلدغ وان احتضنت النار ستُحرق وإذا قفزت من فوق جبلٍ ستموت، وإذا تزوجت فستنال جزائك وإذا رفضت مبارك سيأتيك الإخوان! جميعها تطبيق وقتي للعقوبة ورداً رادعاً لكسر القانون.
طبعاً التطبيقين الأخيرين (الزواج - مبارك والإخوان) أمثلة تشبيهية افتراضية عرضية مرضية خادعة ساخرة، كتبتها فقط لتلتفت إليّ حتى اصرخ في وجهك لتعرف ان الله لا يُشمخ عليه ولا ولن يفلت أحداً من العقاب مهما كان دهائه ومكره وحيلته ونفوذه... العقاب قادم لكل من يقاوم قوانين صاحب اللعبة، فلن تتغير الافعة ولن تُغير النار من خصائصها ولن تتنازل الجاذبية الأرضية عن اسمها… مرة أخرى أقول الله لا يُشمخ عليه… والدليل على ذلك هو ما نحن فيه الآن... لماذا؟ لأن الحقيقة الكاملة كامنة في مبدأ بسيط مثل الزرع والحصاد الذي يشرح نفسه، فالانسان يحصد ما زرعه ومن المعروف ان حصاد بذرة يكون من نفس النوع لكن أوفر واكثر من مجرد البذرة نفسها… عد الى الإيدز وثقب الأوزون والاحتباس الحراري ومد البحار والسرطان . ومن الناحية الأخرى ستجد  كل عناصر الطبيعة التي تصرخ بالزلازل والبراكين والرعود والبروق والاعاصير والفياضانات والاوبئة والجبال التي تهتز خوفا ورعباً صارخة من غضب الله القادم على كل إنسان لم يعترف به رب وملك وسيد وخالق وإله، ليس فقط اعتراف الفم بل اعتراف القلب الذي ينعكس تلقائياً في حياة صادقة في مخافته. ان الله يقولها صريحة "إن أجرة الخطية موت" اذا فهذا ايضاً مبدأ وقانون لن يتغير، مرة أخيرة الله لا ولم ولن يُشمخ عليه.

Saturday, June 8, 2013

نحن في أمان…

من تخصصات مراتي التأكيد ان باب البيت مغلّق قبل النوم. المهم، بالأمس قالت لي كعادتها وعادة اغلب الزوجات انها تسمع صوت في البيت، وطبعاً في كل مرة تضيف فصلاً جديداً في مذكراتها "الهواجس وانا" و أضيف انا تباعاً فصلاً جديداً في مذكراتي "زوجتي والهجص" ونضحك سوياً ثم تسقط هي نائمة وأبقى انا بلا نوم كالعادة… المهم، طلبت مني التأكيد على غلق الباب فقمت ووجدته غير مسكّر من الداخل، فقفلته وانتهى الموضوع. مرت الليلة بسلام ونحن نشعر بالامان. في الصبح طلبت من فريد ابني ان يحضر شئ من السيارة وأخذ يبحث عن المفاتيح لفترة دون جدوى واسترسلنا فيمن اخر من استخدمهم ومتى والاحتمالات وما الى ذلك، المهم قلت له في سخرية "شوف يمكن تكون نسيته في الباب من بره؟" وكانت…
في كثير من الأحيان نعتمد على ذواتنا او امكانياتنا او قدراتنا او استعداداتنا واحتياطاتنا في الشعور بالأمان ولكن في واقع الامر لا تكون هذه الأمور هي مصدر الأمان، فالباب الغير مغلق من الداخل اقل خطورة من المفتاح المعلق على الباب من الخارج طوال الليل… وان كنت قد أغلقتها من الداخل وشعرنا بالأمان إلا انه كان أمان وهمي وكاذب وغير حقيقي وخادع. فقد تعتمد على صحتك او قدرتك او خبرتك او مالك او سلطانك او نفوذك او معارفك او حتى أعمالك الحسنة لتشفع لك وغيرها من الأمور التي كثيراً ما نستند عليها لنؤمّن انفسنا ولكن تبقى الحقيقة الوحيدة ان الله وحده هو مصدر الأمان ودونه الكل خداع للنفس ومسكنات للخوف لا مفعول لها على ارض الواقع. لو لم تشعر بالأمان دون الاعتماد على هذه المقومات الهزيلة والزائفة عليك ان تراجع نفسك وإيمانك بالله لانه وحده الذي في يده كل شئ والذي يعرف كل شئ والمسيطر على كل شئ. انفض يدك عن كل غبار وتراب ونفاية تعتقد انها مصدر أمانك وامنك كي ما يمتلئ قلبك بالأمان والإيمان الحقيقي بما في ذلك ما تعتمد عليه لتأمين ابديتك، احذر ان تنخدع فيما لا بديل ولا رجعة فيه. يوجد طريق واحد للأمان هل تعرفه؟

Monday, May 20, 2013

أمٍ تبوح وعطرٍ يفوح


حدثني عن الام المخاض، وكلمني عن سهر الأم على رضيعها، قل لي شعورها وهي تلاحظ تقدمه ونموه لحظة تلو الأخرى في طفولته، كيف تفرح عندما يخطو أمامها أولى خطواته؟ صف لي سعادتها يوم رأته في زي المدرسة في يومه الأول. خذني في رحلة العمر وهي تتذكر ذكريات الطفولة وتعبها أثناء مرحلة الشباب، حالمةٌ ان تراه قد أتم تعليمه ثم تحضر حفلٍ يزف فيه لعروسه او حلمها ان تحمل حفيداً… حدثني عن الصلاة والدموع والعطاء والمحبة والخوف والقلق والتعب والتربية والتنشئة والمعاناة والجهد والطاقة والصبر والليل وطول البال وقوة الاحتمال والاحلام والطموحات الذين ينتهون في لحظة دون عودة ولا أمل… لقد زرعت بالدموع ولم ولن تحصد… نعم فقد خرج الابن ولن يعود.

صديقي المشكلة لا تكمن فيما سبق، فهذا حال الكثيرين الذين يسمح لهم الرب بهذا الاتون المُحمى… ولكن الموضوع ببساطة انها اليوم تقف على مِنبر الاتون هذا لتتحدث إلينا، فانت تسمع ممن لم نسمع صوتها على مدار سنين طوال كمن يهللون كثيراً، او يعظون بالشعر والنثر والفصحى والفصاحة والصحافة والسياسة والفلسفة… الأخت منرڤا هي التواضع المذهل، والهدوء الوقور الذي لم أره من قبل. نعم في هذا المشهد الذي ابكى من كان خلف الكاميرا، تفتح فاها فتعلمنا كسيدها، واقتبس من كلماتها ما اقتبسته لوصف ابنها والذي ينطبق عليها تماماً؛ انها قارورة الطيب التي لن تشعر بها إلا عند كسرها فتفوح الرائحة الذكية ويمتلئ العالم من طيبها الطيب والنفيس. بل دعني أقول انها انسحقت واكتوت بكل ما تحمله الكلمة من حقيقة في هذا المشهد. لم تسكت ولم تسقط، لم تنهار رغم النار. لقد تركت كل شيئٍا قديماً إيمانا منها بالدور الذي أكرمها الرب به، فصارت ربة أسرة مؤثرة. وان كانت قد فقدت ما لا يُعوض من هذه الأسرة ولكنك تجدها تتحدث للأبناء والإباء، واعظة ومُرشدة، ناصحة ومُعلمة اياهم بعد أيامٍ قليلة من موت ابنها. تكلمهم في ابتسامة مؤثرة عن الأولويات والأبدية والعطاء والمحبة والخدمة والبذل والتواضع والشكر وغيرها الكثير… وكأنها تُقلّب صفحات قصة حياة ابنها الحلو لتُخرج منها دروساً لمن يسمعها، فقد فتحت جنة ابنها ليقطف ويلتقط منها كل عاقل ازهاراً وثماراً واثماراً، كنوزاً واطياباً. علمتنا ان هناك حقائق أخرى أكثر حقيقةً يجب ان نعيش لها، فعمت الاستفادة من هذه الحبة المحبوبة التي ماتت لتأتي بثمر كثير متشبهة بسيدها الكريم. 

ثمر؟ الم تقل قبل قليل انها زرعت ولم ولن تحصد؟ نعم انه إكرام سيدها، فبعد ساعات قليلة رأت ثمراً متكاثراً ومتناثراً في كل ربوع الارض، ثمراً عاشت وماتت قبلها ملايين الأمهات ولم يرون عُشر ما رأته تلك الام. فتراها وقد تنازلت عن حقها في الثمر الأرضي من الشهادة والتكريم والزواج وفرحة الأحفاد، لتربح شهادة الآلاف والتكريم الإلهي والزفاف السماوي بالإضافة الى أحفاد كثيرين أتى بهم ماركو لمعرفة الرب في حياته ورقاده.
انها شعرت بإكرام الرب ان يجوزها نفس سيف المطوبة قديماً، فقبِلت دون ضجر او لوم. مازال الرب يتكلم لنا من خلال أشخاص مُعاصرين حولنا، انجيل معاش؛ يشهد عن صحة الكتاب المقدس وصدق كلامه وصلاحيته لكل العصور والخلفيات والثقافات، انجيل يستخدمه الله بكل قوة في وقتٍ زرع إبليس الرفض في نفوس البشر ان يقرؤوا الكلمة المكتوبة. وختمت بنفس الترنيمة التي شغلني بها الرب في ذلك اليوم إذ كانت صلاتي ان تكون شعارنا والأسرة: في قلبي كما انت لا يعتريك سيدي تغير البتة…  تعلو الحياة بي أو ربما تهـوي لكنـك في قلبي لا لا تـتـأثـر… في دمعة العين وكثـرة الشجن ها تعزياتك تلـذ لي في داخلـي… ستبقى شامخاً في قلبي، حبي سندي... في قلبي كما انت لا يعتريك سيدي تغير البتة…


Friday, May 17, 2013

نجوى وليم…

نجوى وليم…

هذه البطلة التي إذا كان الكتاب المقدس يُكتب في زمننا لذكرها وطوّبها بلا شك ولا جدال، أنها الجندي الذي حارب على مدار العمر ليكرم الرب في عطيته لها وجرعة الألم والصبر. أنها من عاشت مبتسمةً، راضية، شاكرة ومشجعة زوجها على مدار رحلة اجتازت الخمسة عشر عاما من المرض، نعم انها من حفظت العهد عندما قالت "في الصحة والمرض"رافقته الرحلة بكل ما شملت كلمة معين من معان الحب والعطاء، التضحية والتفان، العون والمعية. في مشقات والام وضيقات وضغوط وكوارث وكروب وحروب الحياة. رايتها ترد نفسه في لحظات كاد الشيطان ان يحطمه بأسئلة لا يعرف إجابتها مخلوق. رافقته، ساندته بكل حب فعاش يخدم سيده رغم الألم بكل فرح ورغم الحروب بكل إيمان. أكيد صلت كثيراً طالبة الشفاء له، أكيد حلمت ان تعيش كباقي من حولها دون هذا الضغط الذي لم ينقطع لحظة. ولكن الله رأى فيها قوة الاحتمال الجبارة هذه، فانه لا يعطي فوق الاحتمال. وظلت طوال هذه السنوات تستقبل مرض تلو الآخر وتجربة تلو الآخري في اغلب أعضاء جسد زوجها، هذا الجسد الذي اتحدت به أفلا تشعر بألمه ووجعه؟! أكيد أنها حلمت ان تقاسمه الألم في جسدها لتخفف عنه. ومع كل هذا فلم اسمع منها سوى الشكر الحقيقي من القلب والثقة الثابتة في الله. وكأنها ترى ما لا يرى، ولا ترى ما يرى وكأنها بدأت من حيث انتهى العقل والمنطق والطب والمنظور نعم انه الإيمان الحي المعاش، انطلقت بكل قوة تلعب أدوارها كزوجة وكام وكزوجة ابن وأدوار أخرى كثرة. فقد اخرجت معه للعالم ثلاث ابطال يكرموا الرب ليس لان الظروف سهلة ولكن رغم الظروف العاصفة. رايتها تخدم أبويه سنوات بمثالية لا يمكن ان تُصطنع أو ثُمثل بكل الحب والتقدير. 

واليوم ودعت زوجها للمجد حيث يبدأ الفراق الذي لحين على الرجاء اليقين، نعم أنها ستلقاه قريباً مع سيده ولكن دون خيمة المرض وخيبة الطب. أنها لم تطوي صفحة، وان كانت اليوم قد تيقنت بان صلوات كثيرة لم تُستجاب ولن تُستجاب ولكنها اليوم تتوج لانها جازت الاختبار. أنها سيدة لها رسالة ومازالت تؤديها، انها مرحلة جديدة من الحياة بدات، فرغم دموع الفراق التي سالت اليوم في سكون لكنك تراها القوية بإلهها فقبل ان تمر الأربع وعشرون ساعة تقوم بكل الأدوار بكل قوة. هل يمكن ان تكون هذه القوة لها مصدر آخر غير لمسة من خالق الكون لابنته التي تكرمه؟! لا، أنها من اجتازت أحلك الظروف واليوم تُشرق عليها شمساً جديدة لم تراها منذ زماناً بعيداً، فهي ترى زوجها وقد أعتق من هذا الجسد الهزيل الذي هلهله المرض واشقته بل شققته التجارب والفحوصات. نعم اليوم تراه بالإيمان تكرّمه السماء وتستقبله الملائكة واتخيل ان هناك استعدادات خاصة في السماء لاستقبال هذا الرجل. أقول هذا ليس لتكريمه وان كان وبلا شك يستحق التكريم ولكن لتمجيد السيد في إتمام مقاصده من خلال شخص عاش حياة مختلفة لمجد الله. 

أنه درسا عمليا لنا جميعاً قد دفعت هذه الأسرة ثمنا باهظاً كي ما نتعلمه. كفانا تهاون وهوان. يا نساء العالم استفيقوا عودا إلى صوابكن واعرفوا ما هى ادواركن ورسالتكن؟ اين أنتن من العشرة مع الله؟ اين انتن من أزواجكن؟ اين أولادكن؟ اين قدراتكن ومواهبكن التي وهبها لكن الله لتغيروا العالم من حولكن. كفاكن سخافات عيشوا كما يليق بما دُعيتم له. اغلب من اعرفهن منكن لا يتحمل عُشر ما تحملته هذه الزوجة، راجعوا تزمراتكن وململتكن، افحصوا أهدافكن ودوافعكن، امتحنوا أحلامكن وتطلعاتكن، راجعوا اولوياتكن وترتيبها ولا تستخفوا بيد الله القوية، فان كانت ما عاشته هذه الزوجة كان لإكرام وتمجيد سيدها فقد تعيشه أخرى تحت التأديب. أنا لا اخيفكن ولكني أصرخ في وجوهكن قبل فوات الأوان.

الله يرحمه،

دعوة يدعوها الملايين منا عند فقد شخص عزيز وغالي، انها محاوله صادقة ان يتوسطوا له عند الله ليرحمه من أنواع عذاب مختلفة يعرفونها بعد الموت. يطلبون الرحمة لمن مات، يطلبون من الله ان يُشفق عليه ويجيز عنه ما يتوقعون ان يجتازه الميت بعد ان فارقت روحه الجسد…
هنا الحقيقة، من منظور إيماني وقتاعتي واعتقادي هذه الكلمة هي عبث كبير ولهو خطير… فبمجرد ان تنفصل الروح عن الجسد لا يمكن ان يحدث تغير... فان قرار قبول الرحمة هو قرار الشخص في حياته، فالله لا يريد ان يُهلك أحداً وكل من يرفض ربوبية الله على حياته هو من لن يُرحم حتى ولو ترحمت عليه البشرية كلها… من انت لتتوسط له؟ هل انت بلا خطية؟ هل انت في مرتبة أعلى منه؟ انه مع شديد الأسف مجرد عبث. نعم وبكل وقار وحسرة واسف وحزن واسى قد يكون هذا العزيز الذي فقدته يتمنى ولو لحظة من العمر ليتوب فيها لله ويعترف به رباً وسيداً ومخلصاً، ولكن مع كل الأسف لا أمل ولا فرصة ولا مجال للرجوع. لماذا؟ لانه ببساطة كانت له الفرصة كاملة ورفضها اثناء فترة بقائه على الارض. فالاجدر بنا ان نتيقن من موقفنا من الابدية كل واحد على حده، لان ترحمات الاهل والاقارب والاصدقاء لن تغير شئ من وضعي بعد الموت، ومن هنا اضمن ابديتي واستكمل رسالتي واسعى للإنسان أثناء حياته ليعرف الله ويعترف بسيادته على حياته فتُضمن أبديته بعد موته. بدلاً من اللهو بعد موته في أمور لن تتخطى حاجز المشاعر الرقيقة والمجاملات اللطيفة دون تاثير يخترق حاجز الحقيقة.

Thursday, May 16, 2013

بضع خطوات للخلف..

انه لمن المعروف ان رجل الله في العهد القديم ينقل ويُمثل فكر الله بين البشر. في وقت لا مطر فيه وفي انتظار مجاعة حتمية حدثت تلك القصة: طلب نبي من أرملة أن يشرب، في كثير من الاحيان يطلب الله منا أمور في مقدورنا تنفيذها، فلا مانع أن نضحي بكوب ماء من أجل السيد، هذا ما قد فعلته تلك الأرملة وكأنها تمدح نفسها وفخورة لكرمها وإكرامها لرجل الله في كوب الماء هذا في زمن ندرت المياه فيه، فقامت لتأتي بها دون أسئلة ولا اعتراض.
ثم عاد وطلب إيليا من الارملة أن يأكل، لقد عمّق الطلب قليلاً إذ طلب كِسرة خبز في زمن المجاعة، وكأنه يختبر الى أي مدي ستتجاوب معه. لم تُخفي المرأة قلقها فأفصحت أنها أخر وجبة عندها ثم الموت مُحتَم لها ولولدها. وكأنها تقول "هل هذا معقول؟ فان كنت أنت وأنت نبي الله ليس لديك خبز فكيف سيكون حالي وانا المرأة الوحيدة والضعيفة؟!" ولكن بعد حوار مُطمئن أخذها الى طلب أعمق، إذ طلب منها أن يأكل هو أولاً، ولتأكل هي وابنها اخيراً، كثيراً ما يضعنا الله في هذا الامتحان المتكرر "هل أنا الأول؟" و"هل انا الاول رغم الواقع المنظور والغير المنطقي؟" لقد قال إيليا أن البركة لن تنقطع من البيت فالزيت لن ينقص والدقيق لن يفرُغ؛ وهنا شعرت الأرملة ان البركة تستحق المجازفة، نعم فخطر الموت عبر وأكلت ليس هي وأبنها ورجل الله فقط ولكن بيتها أيضاً حتي جاء المطر..
ولكن في بُعد أعمق واكثر حساسية وألم أخذ الرب الولد؛ ابنها وحيدها، وهنا المحك، فهو لم يسألها قبل ان يأخذ الولد لأنه يعرف جيدا انها لن تقبل… فكوب ماء ممكن، كسرة خبز صعب، كعكة صغيرة ومعها بركة لا مانع، لكن الولد!! لا، وكأنها تقول حتى ولو كان ذلك بعدل الله لكن عند الولد أنا اعترض.. لقد تناست انها قبل أياماً كانت قد سلمت بموت الولد وموتها جوعاً. كثيراً ما يأخذنا الله لاعماق حساسة وحيوية في حياتنا، ياخذنا عند الغالي والثمين، عند امور كثيراً ما نخرجها خارج نطاق العطاء والتقدمة،  ويسألنا السؤال مرة أخرى "هل ستعطني ما أطلبه؟" ويضيف "هل مازلت تثق فيّ كما اظهرت تجاوبك وثقتك وسخائك وطاعتك في الامور الصغيرة؟ هل تشعر انه بإمكاني ان إملاء الفراغ؟" والسؤال المهم "هل تعلمت نتيجة الطاعة من اختبارات الماضي؟" لقد استخدم الله إيليا وعادت روح الولد فيه ولم تفقده امه.
هنا الدرس... اذا رجعت بضع خطوات للخلف سترى الصورة الكبرى، ستعرف ان الرب في كل المواقف لم يأخذ منها شيئاً بل في كل مرة يأخذها هي في عمق جديد من الاختبار، النقطة المحورية هنا ان الله لا يأخذ منا بل يأخذنا نحن لأعماق جديدة من البركة والمجد والنصرة والعشرة والمحبة، هناك يكشف لنا عن ذاته في أبعاد جديدة، هناك سنعرف انه لم يُخطئ، لم يقسو ولم يكسر إلا لما فيه بركتنا وصالحنا، كما انه لم يجرح إلا ليعصب ويطهر ويداوي تشوهات وعلل زرعتها وأصلتها الخطية والعالم والجسد فينا. راجع قصة المرأة التي كانت تعيش في الخطية وطلب منها المسيح ان يشرب، لم يقل الكتاب انه شرب ولكنه أعطاها ماء الحياة وصنع منها اسرع مرسلة في التاريخ.
هل تستأمن الله على حياتك وبيتك وما لك؟ أم انك تختار من بين عطاياه ما سوف تقدمه له؟ لو طلب منك الله ان تُعطي من إعوازك هل ستفعل؟ ان طلب منك ان تُقدم العزيز والغالي والثمين، هل سترضى وتقبل؟ هل ستدرك البعد الكلي للصورة؟ أم انك ستقع فريسة المشاعر والمنطق والعقل والشفقة على النفس وغيرها من الأحاسيس التي تُفقدنا ما لم ولن نعوضه؟ اعتقد إذا ترسخ هذا الفكر فينا سيتغير الكثير من ردود افعالنا وتأثيرها علينا تجاه معاملات الله في صورتها الكلية.



Monday, May 13, 2013

كيف يقدر اب ان يقف هذا الموقف ويقول هذه الكلمات؟


ببساطة شديدة، إذا عاش هذا الأب حياته وأولاده هم محورها لسقط اليوم بجوار ابنه ميتاً. او على الأقل لفقد صوابه واختل عقله. هذا حال من نسمع أنه عاش لأولاده في ظرفٍ يشطُرُ القلب والعقل مثل هذا… نعم فمع انه اب صاحب رسالة تممها بالأمس بإمتياز في فلذة كبده ولكن لم يكن ابنه هو ما يعيش له. آضف الى ذلك النضج النادر، فالأب يعرف ان ابنه ليس ملكه ولا صناعته، فقد رأى الله يسترد وديعته بعد افضل استثمار واكبر فائدة في أقل وقت.
إن الدكتور محب نصيف قد اتخذ قراراً مسبقاً ان يعيش لرسالة أثمن من أولاده، عاش لشخص لا يموت ولم يقدر الموت ان يُمسك به… لقد تعلق بمن لا يُمكن ان يُؤخذ منه، وأثق أنه سيكمل خدمته بأكثر قوّة بعد هذا الجرح النافذ. اتخيل - كحالنا جميعاً - أن سيناريوهات الحياة بما فيها ما قد حدث بالأمس قد دار في مُخيلته قبلاً ولكنه اتخذ قراره وقتها بأن يضع إسحاقه على المذبح. وإن كان إبراهيم لم يسمح له الرب بذبح الولد لقصدٍ، إلا انه سمح ان يصل باخونا لتوديع ابنه لقصدٍ أيضاً، وفي كليهما لم يتخلى الرب عن صفة من صفاته كما أنه لم يُنقص صفة لحساب أخرى…
لقد أعده الله لهذا اليوم، أعده ليقف بكل قوة امام نعش ابنه ينطق بهذه الكلمات في الوقت الذي انعقد لسان كل إنسان آخر. نعم وقف يصرخ لا صراخ وعويل الذين لا رجاء لهم، ولكنه صرخ ليستفيق كل إنسان ويعتبر الدرس. وان كنت تراه وكانه يقتنص النظرات على صورة ابنه وكأنه يملاء عيناه منها إلا ان المشهد الذي يملأ قلبه هو يوم اللقاء القريب وليس يوم الفراق الرهيب. 
وان بكى ماركو بالأمس الآلاف من البشر ليودعوه، لكنه مع شريكة حياته قد بكيا قبلاً لابنهما منذ ولادته - او ربما قبلها - ليعرف الرب فيضمنا أبديته، خوفاً واعتباراً لهذا اليوم، وها هما اليوم وان كانت دموع الفراق تملأ عيونهم الا ان قلبيهما يطفر فرحاً بالوديعة التي قدماها اليوم للسماء في هذا المحفل المهيب والمشرف بعد رسالة قصيرة تممها الابن في حياته والتي ظهرت تفاصيلها جلية اليوم في رقاده.

Sunday, May 12, 2013

اسئلة أثناء التجارب…

اسئلة أثناء التجارب…
لماذا نحن؟ أو لماذا نحن ثانيتاً؟ وقد يسأل بعضنا هل الله خلقنا فئران تجارب؟ هل نحن لُعبة الله كي ما يفعل بنا ما يشاء دون اكتراث بالامنا واوجاعنا وكسرة وحرقة قلوبنا؟ هل الله عادل؟ هل خُلقنا لنُذل؟ هل يستمتع الله بضغطتنا وعصرنا في التجربة؟ أما يبالي الله بمشاعرنا ودموعنا؟ هل اوجدنا الله ليسحقنا كي ما يتمجد هو؟ هل الله قد تركنا للدنيا كي ما تلطمنا بامواجها كما تشاء، وهو في سماه يستمتع بملائكته؟ هل مازال الله قادر ومسيطر على المشهد أم ان الذمام قد انفلت من يده؟ هل يضربنا الله بعصا من حديد كي ما نعبده قهراً؟ هل نحن ارض المعركة التي بين الله وإبليس؟ الا يقدر الله ان يحقق مقاصده بدون كل هذا الألم والخسارة؟ لماذا الآن؟ هل يستمتع الله بالمنح أم بالمنع؟ بالأخذ أم بالعطاء؟ هل الله حقيقة؟ ها نحن قد بعنا كل شئ وتبعناك فكيف تقسو علينا هكذا؟ الاتبالي بقلب الأم؟ الم تبكيك أمك عندما كنت على الأرض؟ أمامك كل هؤلاء الأشرار الذين يستحقون الموت البطئ لماذا تأخذ اتباعك بهذه السرعة؟

اطنان من الاسئلة داخل كل منا وتبقى إجابة واحدة وحيدة ان الله "كامل" وكلمة "كامل" هذه تحوي انه كامل المجد ايضاً، اي انه لا ينقصه المجد الذي نُمجده به نحن القاصرين الخطاة اثناء التجارب ولكنه يسمح لنا في كماله ان نتمجد من خلال مجده، فهو يشركنا بلمحات من الالم ليغمرنا بمجد يفوق كل عقل من حيث الكمية والكيفية والاستمرارية… لِأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا ٱلْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا .  وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى ٱلْأَشْيَاءِ ٱلَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى ٱلَّتِي لَا تُرَى . لِأَنَّ ٱلَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا ٱلَّتِي لَا تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ. (كُورِنْثُوسَ ٱلثَّانِيةُ 4:17, 18)
اضف الى ذلك ان الله قد وهبنا ابنه فأي شيء يمنعه عنا؟ : "اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ٱبْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لِأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ، كَيْفَ لَا يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟ (رِسَالَةُ بُولُسَ ٱلرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ 8:32)
وهو الذي تألم مجرباً كي ما يقدر ان يعين المُجربين من واقع التجربة… لذا مازلنا قادرين ان نقول من القلب انه صالح وكامل الصلاح، ومحب وكامل المحبة، وحنّان وكامل الحنان، ورؤوف وكامل الرأفة، وحكيم وكامل الحكمة، وقدير وكامل القدرة، ورحيم وكامل الرحمة هو هو امس واليوم والى الأبد…

Friday, May 3, 2013

إذا أردت أن تعرف لمحة عن قوة وقدرة ومحبة المسيح فاجمع كل خطية وشر وضلال وكل فساد وبغضة ومعصية وكل خداع وقهر وقتل صنعه كل إنسان من يوم ميلاده وحتى آخر نفس له بوعي أو بدون في كل العصور من كل الأجناس والأديان في جميع أرجاء المسكونة وأعلم ان المسيح قد دفع ثمنها وسدد حسابها جميعاً وكاملاً في ثلاث ساعات فقط

الوردية مش وردية…

الوردية مش وردية… شكلي هاشوف ليلة مع الست ليلى!! ياريت تدعو لنا علشان شايف نوم تعالب ولعب ومقالب… شكلها طالعت اسم على مسمى :-(

March 10 2013

بكاء الأطفال ما بين "الاسباب والسُباب" و"الحلول وقرع الطبول" وماذا تفعل قبل ان تجن العقول؟

طبعاً اول سبب لبكاء طفل هو الجوع والمغص. كما إن التجشؤ سبيل أساسي لراحته، فان لم تتخلص من هواء المعدة بالفم سيجد طريقاً آخر اطول واكثر الماً. الاحتياج للنوم قد يصحبه صراخ وقد تحتاج ان تُغمض لها عيناها بيدك حتى تنام. ممكن تسكت بالصوت او السكوت والمزيكة واختراع ألفاظ مثل "بوح لوح پاپي" (يعني بُحلق روح پاپي) و"انت بابي دحشة" (يعني جحشة لا مُاخذة) او "ليلة مايلة" و"ليلة هايلة" و"ليليتنا طين" او أي هفلطة وتفضل تكررها لحد ما هي تفصل (مش انت). التبديل بين النور والضلمة. حرانة او بردانة. ركوب السيارة والهز والمرجحة والشقلبة وكسر الروتين. الاستحمام والاستجمام. الحفاضة ومُحتواها! ممكن تبكي أحياناً من صوت بكائها، لازم تتصرف. شئ معين يجذب انتباهها، فمثلاً انا وساعة الحائط لنا غرام خاص. ثني الأرجل والتقميط، هذا ايضاً يقلل من التلويش والتلطيش والخربشة في نفسها حيث تُفزع فتبكي. قراءة الملامح وحركات الايدي والأرجل وأكل الأصابع لكل منها مدلول عن سبب البكاء. حالتك المزاجية والعاطفية والتواصل اللا منطوق بينكما جميعها لها دور في حالتها المزاجية.
وفي الآخر وبعد ما تكون عصرت مخ الخلفوك وحاولت كسر الحلقة المفرغة وتغير كل العوامل المختلفة وتخلص كل التجارب ويفضلك الفأر والفقر وتلاقيها لسة بتعيط!!! تعمل ايه ساعتها؟ تشد في شعرك وتتجنن؟ لا، يبقى الحل الأخير والمضمون الفاعلية ١٠٠٪ وهو انك تحط مخدة او اتنين على رأسك وتنام او سماعات الرأس وتعلي الصوت وتبص في حتة تانية او تشوف أعلى حاجة في كاسيت العربية وتديها. وتعمل ده بضمير مرتاح تماماً عارف ليه؟ علشان بيبقى فاضلك تكة ويجيلك انهيار عصبي فلازم تلحق نفسك علشان عندك عيال عايز تربيها… علشان تصحح لأصحابك معلومة "اللي خلف مامتش" لانه "اللي خلف ماعاش" وطبعاً لازم تصدق عملياً انك تعيش في "زمن فن تربية الآباء" وتفضل تحبهم وتزيد غلاوتهم كل ما تزيد غباوتهم :-)

فوّل اتنين وتسعين من فضلك!

كلمة ومن الآخر، كل راجل ما يخليش مراته تعمل كل حاجة تخليها تعرف تبقى معتمدة على نفسها بيضرها جامد جداً… - معليش يعني - مين قالك انك قاعد لها على طول؟! مش لازم تتبهدل؛ لأكن لازم متتبهدلش! والعكس بالعكس طبعاً…
أنا البمون العربية على طول وهافضل اعمل كده، لكن كان لازم تعرفها، وتجربها أنا أخدتها بضحك ولعبنا واتصورنا وكده، لكن الهدف جوايا كان مختلف…
أنا مش مُعقد ولا سودوي، أنا بس واقعي...
فوّل اتنين وتسعين من فضلك!

الخوف والمخافة

كثيراً ما نمر في إختبارات مختلفة البعض منها يمر بسلام والبعض الآخر نفشل فيه. دعنا من البعض الأخير( الذي نفشل فيه) ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل هذه الإختبارات التي تمر بسلام نحن نُدرجها تحت مسمي النجاح؟ أخاف من ذلك لأن الإختبارات التي تندرج تحت النجاح لها معايير عند الله. دعنا نفكر في بعضها. أعتقد أن أهمها هو:
• القرب من الرب في شركة شخصية معه، علاقة تجعل الوقوع في الخطية شيء بغيض وغير مقبول وخصوصاً إذا قارناه بالعمل الذي عمله المسيح علي الصليب العمل الذي إذا فكرنا فيه إحتقرنا أي عمل لا يمجد إسمه القدوس
• محبة الرب والسعي لمعرفة مشيئته وتتميمها في حياتنا ولكن ما أخافه هو إننا نسمي الخوف قداسة.

الخوف ليس تكريس، الخوف ليس محبه لله. في كثير من الأحيان إذا حلّلّنا بعض التجارب التي مرت بسلام نجد أن سبب عبورها بسلام ليس ما سبق ذكره من علاقة ومحبه وقداسة وتقدير لعمل المسيح لكن بكل أسف نجد أن سبب عبورها بسلام هو الخوف، الخوف من نتائج الخطية، أو حتى الخوف من الله. الجبن من المجتمع والناس، مراعاة الأخلاقيات العامة في بعض المرات، الحفاظ علي المركز أو الصورة حتى أمام أنفسنا، إن كل هذه الأمور قد تصل بنا إلي نفس الشكل النهائي للنجاح في التجربة ولكن السؤال المهم هو هل الله أعطانا نفس الحكم والتقدير الذي أعطيناه نحن لأنفسنا؟
لكني أسالك السؤال بطريقة أخري هل نحن نعمل ما لا يلوم عليه المجتمع أو إذا وُضعنا في موقف ما سوف نختار أن نرضي الناس أكثر من الله ؟
صديقي إن تقدير الله لمثل هذه النجاحات كما نسميها ليس كذلك، لأن الدافع والباعث لعدم عمل الخطية والسقوط فيها لم يكن محبة الرب ولا التكريس ولا تقديراً لعمله لذا فأنت لم تعمل الخطأ لأنه يحزن الله لكن لأنه يعود عليك بالضرر بشكل أو بآخر.
دعنا نعيش الحياة له وليس لنا، أي أن نفعل رضاه وليس أن نعمل ما يرضينا بالتوازي مع ما يأخذ شكل إرضاء الله إن الحياة المسيحية ليست فيها الجُبن سيد الأخلاق

بنبرة صوت

لما بكون عايز الفت انتباه مراتي لحاجة أثناء كلامها مع فريد ومش عايزه يفهم، بتكلم في موضوع مختلف بنبرة صوت معينة. المهم النهارده كانوا بيتكلموا والكلام اشتد وهي متعصبة منه لتصرف أحمق، فرُحت قايل بالنبرة إياها "صباح الخير" وطبعاً ماريان فاهمة قصدي فراحت ردت "ماهو هو ......." وبدأت في شرح المشكلة، راح الواد قالها "على فكرة هو مسألش ايه الحصل؟ هو بيقول صباح الخير" وقالها بنفس النبرة بتاعتي ... وطبعاً كان قصده توصيل رسالتي المخفية وهي "بالراحة شوية" .... ضحكت وشعرت ان مفيش اشتغالات عليه من الآن فصاعداً…

بتتعامل مع باقي أبعاد حياتك أزاي!!!

النهارده مراتي كانت بتراجع واجب ابني فريد واكتشفت أخطاء غير منطقية بحكم معرفتها بقدرات ومستوى الولد، وبعد البحث وراء الأسباب اكتشفت لانه وفي عجلة شديدة من أمره اختار أي إجابة من الخيارات المطروحة دون تفكير. اختار على أمل انها تطلع صح واقلب! وبدأت وصلة من التوبيخ واللوم تلتها وصلة من شرح أهمية ما يهمله مقارنة بتفاهة ما يهتم به، موضحاً الآثار السلبية الراجعة عليه من ذلك الفعل غير المسئول.
وأثناء حديثي معه راودني الفكر ان إحنا كتير بنعمل كده، بنسيب ونهمل حاجات مهمة علشان هيافات، وبنيجي عند المحكات المهمة ونكتشف أننا تعاملنا معها بغاية الاستهتار او بترقية من العشوائية والارتجالية. شوف انت بتهتم ها تأكل ايه وتلبس ايه، قد ايه؟ وبتتعامل مع باقي أبعاد حياتك أزاي!!! نحن نتعامل مع واجب (دورنا) الحياة باختيارات عشوائية غير هادفة. عايز تعرف انت واقف فين مما تريده؟ عد بضع سنوات للخلف وانظر كيف كنت تتمنى ان تكون اليوم وقارنه بواقعك.
*ليست دعوة للإحباط، العكس صحيح…

اسند سُلمك على في المكان الصحيح


صعد الكثير من البشر سلم المجد والشهرة والنجومية وسقطوا من اعلاه منتحرين إذ لم يشبع ذلك فراغ نفوسهم. لم يشبعهم تحقيق الذات، لم يجسم نجاحهم حتى زورق نجاة ليعبروا به فوق أمواج بحر الحياة المظلمة.
آخرون صعدوا سُلم الغنى والثراء الفاحش، فقد كونوا ثروات طائلة بكل السُبل المشروعة واحيانا غير المشروعة. ولا مانع من بعض الأمراض المُصاحبة والناتجة عن اللهث والسعي والضغط لتحقيق حُلمهم المنشود، فبنوا قصورا لم يسكنوها وارصدة لم تتعدى بالنسبة لهم أكثر من رقم ببنط عريض على ورقة تأتيهم في نهاية كل شهر. وانتهى بهم الحال، ولم يتبقى في أعمارهم بقية ليستمتعوا بما كنزوا. تركوها جميعاً لاولادهم الذين دمروا انفسهم في عيش مُسرف وراحوا ضحية ميراث لم يتعبوا فيه. وآخرون ماتوا بحسرة رهيبة لخسارة تعب وشقاء العمر بين ليلة وضُحاها.
وغيرهم تدرجوا سُلم الوظيفة والمركز، عاشوا للإنجاز، عاشوا ليسمعوا المديح من البشر، صعدوه درجة تلو الأخرى في لهثٍ رهيب، وعطش غير مُروى وفي نهاية المطاف سكنوا بيوتهم في اكتئاب شديد ولم يتبقى لهم غير بضع قصص وذكريات مملة يحكونها لك عشرات المرات في كل مرة تُقابلهم فيها.
ركب غيرهم السُلم المستدير، سُلم العائلة، فعاشوا لشريك حياتهم او لاولادهم بشكل مَرَضي وتمركزت وتمحورت حياتهم واحاسيسهم ومشاعرهم وطاقاتهم حول شريك حياة أما هجرهم او اُخِذَ منهم، او حول أولاد سهروا عليهم سنين ليُشبعوا غريزة البنوة فيهم لدرجة انهم لم يستمتعوا بهم في طفولتهم لهثاً وراء تدرج مراحلهم العمرية ليروهم رجلاً او فتيات ناجحات وفي النهاية تأتي افضل نهاية مِرتقبة ومحتومة ان ينفصل الابن او الابنة ليعيش حياته تاركاً أهله محبطين في مسيس الاحتياج له وقد يصل بهم الامر متروكين في احد بيوت المُسنين في انتظار النهاية.
عاش آخرون يتأرجحون ويترنحون على سُلم الشهوات والملذات، ضاربين بكل القيم والمُثل والمعتقدات عرض الحائط، عاشوا في وهم أنهم أحراراً، يفعلون ما يُريدون كيفما ووقتما يريدون ولم يعرفوا أنهم مُستعبدون، مربوطين ومُقيدين بقيود وسلاسل قاسية تحت إدمان الخطيئة وشر الرذيلة. انظر لهم وهم يحصدون او انظر لهم وهم على فراش الموت وسترى بعينك المرار وخيبة الأمل وضياع العمر مصحوباً برعوباً كثيرة من مستقبل مجهول وفاتورة خطية طويلة، ثقيلة ومُذهلة لم تسدد.
صعد آخرون سُلم قد يبدو ارقاهم وهو التدين، اما في مُحاولة لارضاء الله بطريقة من صُنع البشر او عاشوا ليكنزوا معلومات في الذهن يتباهون بها بين الناس تارة ويطوعونها لأغراضهم الدفينة تارة أخرى، عاشوا مُجردين ومختزلين علاقتهم بالله في بعض الطقوس او الفروض او المظاهر دون جوهر الشركة والتواصل مع خالقهم. لم تتأصل المبادئ فيهم ولم تكن التقوة غير صورة جوفاء دون جزور، فتأتي الحياة برياحها وأعاصيرها فتُقتلع الأقنعة ويسقطوا سقوطاً عظيماً في المحكات الحقيقية.
وغيرها الكثير من السلالم المعروفة لنا جميعاً. صديقي هل تعلم اين المشكلة؟ ان المشكلة لا تكمن في ان تكون مشهورا او غني او ذو مركز مرموق، ولا ان تكون ناجح في بيتك ولا حتى بانك تستمتع بغرائزك التي وهبك الله إياها، كما انها ليس مشكلة ان تعرف عن الله طبعاً، ولكن المشكلة تكمن في ان تأخذ هذه الأمور مركز الحياة، انها تُصبح شغلك الشاغل وهدف وجودك. الله قد خلقك لتنجح، خلقك لتكون شخص متميز ومتزن في جوانب الحياة المختلفة، فتصبح كل هذه الأمور بمثابة عناصر تعمل معاً لتحقيق قصده من بقائك على الأرض. لا تفقد عمرك في دوائر مُفرّغة دون جدوى، فاساس الحياة وهدفها موجود عند واهبها، عُد لمن وهبك الحياة واطلب منه ان يُعرّفك سبب وجودك كيف تعيش ناجحاً في نظر الله. وقتها ستنجح في حياتك بكل جوانبها، بدلاً من حروب خاسرة وكروب كاسرة تمرمر الحياة.

حقق هدف وجودك

في أحلام كتيرة بتخسرك واقع حلو... لو فضلت تحلم طول عمرك ها يضيع حلمك وواقعك.. نصيحة: احلم وحقق الحلم... لانه غير كدة هايبقى إسقاط وهروب وها تبقي عامل زي الباب عمال يتحرك لكن واقف في مكانه ومش بيتقدم... مهم تعرف انت عايش ليه؟ ومهم جداً ان وواقعك وايامك واحلامك، وطاقاتك، وقدراتك وافعالك واولوياتك وتصرفاتك وردود افعالك وقراراتك ووقتك وصحتك ومالك وفكرك وقناعاتك وايمانك يكونوا جميعاً بيخدموا الهدف اللي انت عايش ليه. لانه غير كدة انت شخص غير واقعي وهدف حياتك هو بضع شعارات خاوية، هشة، تحاول ارضاء ضميرك او مجتمعك او ثقافتك او عائلتك بها ولكنها بلا قوة ولا جاذبية حقيقية تدفعك ان تعيش لتحقيقها...
حقق هدف وجودك

"الساعة كام معاك دلوقتي؟"

خرجت شوية ولاقيت الواد ابني بيتصل بي وقالي بجدية شديدة "انت عارف انت خرجت الساعة كام؟" فأجبته بين صدمة وذهول وارتباك "نعم؟!" قالي "الساعة كام معاك دلوقتي؟" طبعاً قفّلت المكالمة مُجرداً من كل لباقة او سرعة بديهة مما اتصف بهم دائماً. دا انا كنت باختفي عن بيتنا فترات وأبويا بجلالة قدره لم يسألني هذا السؤال طول عمري. هو ايه الزمن ده؟!

الواد ابني تاني!

نسي كرة السلة عند احد أصحابه منذ عدة أيام، وهو بيموت في الباسكت؛ بيلعبه على روحه وهو نايم… المهم لقيته بيقول لي النهارده "خلاص نجيب واحدة جديدة". قلت له في حزم "نعم؟!" راح قالي "لا، انا بس كنت بشوفك ان كنت صاحي ولا لاء" جريت ورآه في البيت وضحكنا جميعاً بصوت عالي وبكيت انا في صمت… عيال وأجيال

بناتكن تلبسن الفستان الأبيض

لا اقدر ان احصر كم مرة رأيت دموع في عيونكن وانتن تشاهدن بناتكن تلبسن الفستان الأبيض؟ في كل مرة أصور هذه الدموع الغالية التي تملأ العيون يتزامن معها دموع أخرى تنساب خلف الكاميرا. فانا أرى هذه المشاعر الحقيقية تقفز، مشاعر الفرح والنجاح وإتمام المهمة، واتخيل كيف في تلك اللحظات تمر سنين العمر أمام عيونكم! تمر بتعبها، معاناتها ودموعها حتى جاء يوم تحقيق الحلم. ففي كل مرة اسأل الأم "منذ متى تنتظرين ذلك اليوم؟" تأتي إجابة واحدة دائماً "من يوم ما اتولدت" لقد حظيت بسماع قمة عبارات وتعبيرات مشاعر الأمومة في تلك اللحظات أشارككم بواحدة فقط كمثال "لم أتمنى يوماً ان انعم ببصر افضل مثل اليوم يا بنتي" قالتها أم ضعيفة البصر يوم فرح ابنتها.

الواد ابني!

- الواد محسسني انه مُستعبد.. لاقيته بيقولي "أنا نفسي في روبوت يعمل الطلبات اللي بتطلبوها مني!" قلت له "اهو جاتلك أخت تساعدك." قالي "تساعدني؟ لا تشيل بقى!" الأفندي فاكر نفسه طالع معاش!! عيل بايظ..
- مرة كان قاعد وشايفني عمال انيم أخته ونامت بعد عناء وفجأة صحيت وعيطت لقيته بصلي في هدوء وقالي "البس!! أنا داخل أنام" عيال بايظة...
- مرة قاعدين عمالين نتخانق انا وهو مين يشيلها ويلعبها راح بص لامه وقالها "ماتجيبي واحدة تاني؟" سمعت بعدها زعيق وحاجات بتتكسر…

تعديل بسيط

وحدة صديقة بتقول لي "المرحلة دي جميلة، العيال بتآكل وتغير وتنام" فجاوبتها "العيال بتآكل واحنا البنغير وماحدش بينام" تعديل بسيط

عربي مراتي…


على الرغم من استعانتي بها كثيراً في الإملاء إلا أنني اعرف جيداً انها تعاني من مشكلة متأصلة في التفاصيل الصغيرة وخصوصاً النقاط. فان طلبت منها كتابة شئ فلن تُفرّق بين الهاء في نهاية الكلمة والتاء المربوطة، كذلك الياء والالف اللينة فهي تقرر إذا كانت ستضع النقاط او لا بناء على حالتها المزاجية او إحساسها المرهف في زخرفة ما تكتب، ولكن ليس لأسباب لغوية أبداً. المهم أخذتها في جولة سريعة لشرح كيف تكتب الياء في آخر الكلمة وكيف تكتب الألف اللينة؛ قدمت أمثلة كثيرة للحالتين وبدأت اسألها لأعرف إذا كانت استوعبت ما أقول، وإذ بها تقول "آه دي الياء المنقّطة صح؟" فصرخت "لا دي الياء المخططة" وعرفت أني الدرس متقدم جداً بالنسبة لمستوى التلميذ! فضحك الجميع ومات المدرس "منقوط"
عندما تصل مراوغة الابن ان يُقشر قشرة لجرح قديم ليُخرج دماً ويمسحه في مكان اخر ليوهمني بانه مجروج جرح جديد ماذا افعل؟! أريد جواب وتعليق غير الزرع والحصاد..

دي كتشينة مش كورة…

الكورة فيها فريقين بس ولاكن الكوتشينة بيبقى فيها كتير، ولما تكون اللعبة جديدة عليك يقلولك تتفرج اول دور وبعد كدة العب. واحنا كلنا اتفرجنا اول دور علشان ماكنّاش فاهمين اللعبة، مش بس ماكنّاش فاهمين لا إحنا اتلعب بينا صلح امركاني. لكن دلوقتي هل لسة في حد مش فاهم؟ ولو كنت فاكر انها فريقين الحاضر ابلغ بيان ان الأطراف كثيرة وفي بعض الأحيان متوازية وفي الأحيان الأخرى متعامدة ولكنها غير متوحدة على أي حال، والأكثر عددا وصاحب المصلحة العليا هو الأقل حيلة… فاهم حاجة؟ إذا لا ارجع أقراء تاني بالراحة وهاتفهم. اذا فكرت لحظات ستكتشف مع الاسف اننا نعيش في سلة مهملات كبيرة مازالت تتوالى عليها القاذورات من كل ناحية. لكن الأمل موجود للبيدور عليه. انا بطلت علشان عندي رجاء ثمين يقين في اله أمين متين.