صعد الكثير من البشر سلم المجد والشهرة والنجومية وسقطوا من اعلاه منتحرين إذ لم يشبع ذلك فراغ نفوسهم. لم يشبعهم تحقيق الذات، لم يجسم نجاحهم حتى زورق نجاة ليعبروا به فوق أمواج بحر الحياة المظلمة.
آخرون صعدوا سُلم الغنى والثراء الفاحش، فقد كونوا ثروات طائلة بكل السُبل المشروعة واحيانا غير المشروعة. ولا مانع من بعض الأمراض المُصاحبة والناتجة عن اللهث والسعي والضغط لتحقيق حُلمهم المنشود، فبنوا قصورا لم يسكنوها وارصدة لم تتعدى بالنسبة لهم أكثر من رقم ببنط عريض على ورقة تأتيهم في نهاية كل شهر. وانتهى بهم الحال، ولم يتبقى في أعمارهم بقية ليستمتعوا بما كنزوا. تركوها جميعاً لاولادهم الذين دمروا انفسهم في عيش مُسرف وراحوا ضحية ميراث لم يتعبوا فيه. وآخرون ماتوا بحسرة رهيبة لخسارة تعب وشقاء العمر بين ليلة وضُحاها.
وغيرهم تدرجوا سُلم الوظيفة والمركز، عاشوا للإنجاز، عاشوا ليسمعوا المديح من البشر، صعدوه درجة تلو الأخرى في لهثٍ رهيب، وعطش غير مُروى وفي نهاية المطاف سكنوا بيوتهم في اكتئاب شديد ولم يتبقى لهم غير بضع قصص وذكريات مملة يحكونها لك عشرات المرات في كل مرة تُقابلهم فيها.
ركب غيرهم السُلم المستدير، سُلم العائلة، فعاشوا لشريك حياتهم او لاولادهم بشكل مَرَضي وتمركزت وتمحورت حياتهم واحاسيسهم ومشاعرهم وطاقاتهم حول شريك حياة أما هجرهم او اُخِذَ منهم، او حول أولاد سهروا عليهم سنين ليُشبعوا غريزة البنوة فيهم لدرجة انهم لم يستمتعوا بهم في طفولتهم لهثاً وراء تدرج مراحلهم العمرية ليروهم رجلاً او فتيات ناجحات وفي النهاية تأتي افضل نهاية مِرتقبة ومحتومة ان ينفصل الابن او الابنة ليعيش حياته تاركاً أهله محبطين في مسيس الاحتياج له وقد يصل بهم الامر متروكين في احد بيوت المُسنين في انتظار النهاية.
عاش آخرون يتأرجحون ويترنحون على سُلم الشهوات والملذات، ضاربين بكل القيم والمُثل والمعتقدات عرض الحائط، عاشوا في وهم أنهم أحراراً، يفعلون ما يُريدون كيفما ووقتما يريدون ولم يعرفوا أنهم مُستعبدون، مربوطين ومُقيدين بقيود وسلاسل قاسية تحت إدمان الخطيئة وشر الرذيلة. انظر لهم وهم يحصدون او انظر لهم وهم على فراش الموت وسترى بعينك المرار وخيبة الأمل وضياع العمر مصحوباً برعوباً كثيرة من مستقبل مجهول وفاتورة خطية طويلة، ثقيلة ومُذهلة لم تسدد.
صعد آخرون سُلم قد يبدو ارقاهم وهو التدين، اما في مُحاولة لارضاء الله بطريقة من صُنع البشر او عاشوا ليكنزوا معلومات في الذهن يتباهون بها بين الناس تارة ويطوعونها لأغراضهم الدفينة تارة أخرى، عاشوا مُجردين ومختزلين علاقتهم بالله في بعض الطقوس او الفروض او المظاهر دون جوهر الشركة والتواصل مع خالقهم. لم تتأصل المبادئ فيهم ولم تكن التقوة غير صورة جوفاء دون جزور، فتأتي الحياة برياحها وأعاصيرها فتُقتلع الأقنعة ويسقطوا سقوطاً عظيماً في المحكات الحقيقية.
وغيرها الكثير من السلالم المعروفة لنا جميعاً. صديقي هل تعلم اين المشكلة؟ ان المشكلة لا تكمن في ان تكون مشهورا او غني او ذو مركز مرموق، ولا ان تكون ناجح في بيتك ولا حتى بانك تستمتع بغرائزك التي وهبك الله إياها، كما انها ليس مشكلة ان تعرف عن الله طبعاً، ولكن المشكلة تكمن في ان تأخذ هذه الأمور مركز الحياة، انها تُصبح شغلك الشاغل وهدف وجودك. الله قد خلقك لتنجح، خلقك لتكون شخص متميز ومتزن في جوانب الحياة المختلفة، فتصبح كل هذه الأمور بمثابة عناصر تعمل معاً لتحقيق قصده من بقائك على الأرض. لا تفقد عمرك في دوائر مُفرّغة دون جدوى، فاساس الحياة وهدفها موجود عند واهبها، عُد لمن وهبك الحياة واطلب منه ان يُعرّفك سبب وجودك كيف تعيش ناجحاً في نظر الله. وقتها ستنجح في حياتك بكل جوانبها، بدلاً من حروب خاسرة وكروب كاسرة تمرمر الحياة.
No comments:
Post a Comment