Thursday, September 19, 2013

اليوم عيد ميلاد رجل عظيم "أبي" ابي .. مراحل ومراحم العمر!



عشت طفولة تمنيت لو دامت العمر كله، يقولون أني كنت مدلل، وليكن فانا لست غاضباً ولا غاصباً، اعرف أني كنت لُعبتك وان كنت لا اذكر من هذه المرحلة الذهبية الا الطفيف. اعرف كم عانيت من الخراب والفساد المتأصلين فيّ، اذكر الجرامافون الذي فتّته في أعوامي الأُول، وغيره من عشرات المصائب التي كانت تنتظرك فور وصولك المنزل! لقد طلبت ولداً فاتاك هدداً… لا اذكر كم نافذة تهشمت في البيت ولا أتمنى آن تسعفك الذاكرة لتُعيدها علي، لا اذكر كم مرة اصطحب توقيعك على الشهادة كلمات اللوم والعقاب أحيانا، كما لا اذكر كم مرة زورت توقيعك للهروب من هذا الموقف. حقيقةً، لا اذكر كم مرة كلمك مدرس عن ميولي للانحراف، صحيح كنت طفل فخر وشرف دون جدال!! اذكر يوم ضاق بك الحال حتى هددتني بوضعي في مؤسسة الاحداث! فعلاً فما تبقى لي من ذكريات يجعلني اقول كان معك حق… رغم كل هذا اذكر محبة غير عادية، صادقة وحانية في لمستك ونظرتك لي على مر السنين ويبقى شعور السعادة والبهجة داخلي أبداً كلما اضحكتك من القلب. أبي انت الحب..

اذكر مرحلة المراهقة المُرهقة، وأقولها بكل يقين انك ادرتها بكل حكمة ومحبة، رغم تقلباتها وجنونها، أتخيل اليوم بعد ان اصبحت أباً كم كان الامر صعب بل عسيرا! ولا اعتقد أبداً أني سأحذو حذوك فقط لعدم مقدرتي! أتذكر منها الكثير الذي لن اذكر منه الا موضوع واحد قفز بذهني الآن وهو قيادة السيارة في مرحلة الإعدادي بدون رخصة وإصراري السير في الاتجاه المُعاكس للشارع! آه لو ابني عمل فيّ هكذا! قد يرى البعض وكأن الامر قد انفلت من يدك او خرج عن السيطرة، وحتى لو شعرت انا نفسي في بعض المرات بنُصرة المراهق، ولكنك كنت الاحكم والاذكى حتى مررت بي بسلام من هذا الإعصار دون انكسار. اذكر ضاحكاً يوم تخرجت من الجامعة وقبل ان تقول لي مبروك قلت لي مبتسماً وفخوراً "انت اثبت لي ان التعليم في مصر فاشل". أبي انت الحكمة..

لقد وصلت بي للنضوج المصحوب بكم هائل من الخبرات الشخصية العملية بأقل الخسائر، أرى حولي اقران لم يكتمل نضوجهم بعد وآخرين يتخبطون متعثرين في الدرجات الأولى من السُلم! دعني أقولها لن تصف الكلمات إحساسي عندما آري في عينك نظرة الفخر او الثقة، لن تصف الكلمات فرحتي عندما اجدني تخطيت توقعاتك مني. اُقدر جداً احترامك لعقلي حتى وان لم توافقني الفكر أحياناً. استمتعت بسنوات الصداقة والصحبة في هذه المرحلة، لا اذكر كم مرة اصطحبتك لمشاوير لا علاقة لك بها، فقط بدافع الصحبة واستثمار الفرصة لأكون بالقرب منك. حقاً كلماتك علمتني الكثير وصمتك حفر في دروساً لن تُمحي. أبي انت الصديق..

وها اليوم وان كنت قد بَعُدت عنك جُغرافياً وقبلها انفصلت للزواج كما قال الكتاب ولكني أعيش وجودك في حياتي كل يوم، يكفيني شعوري بالمحبة والاهتمام لي ولبيتي. كم ينتابني راحة غريبة عندما اُشاركك ظروفي وكم تكون السند والخبرة وحتي المرات التي لم تُقدم لي حلاً فسماعك لي يُزيح عني ثقلي ويريحني. لم اُصلي لاولادي كما صليت لي، ولا أراهم محظوظين كما كنت انا بأباً مثلك. اعرف انه هناك وعلى بُعد آلاف الأميال أباً يقف في الثغر بيدين مرفوعتين نحو السماء. أبي انت الأب..

كل سنة وانت طيب…
ابن مديون

No comments:

Post a Comment