ربي لست أعلم ما تحمله الأيام لي،
لكن يا سيدي الحبيب يكفيني شيء واحد
ثقتي أنك معي…
ظلت هذه الترنيمة عالقة بذهني طوال الأيام القليلة الماضية، واستوحيت منها جزء فيما كتبت لفريد يوم عيد ميلاده. وكأن ربنا بيثبت عيني عليه ومش على الظروف او المجهول او المستقبل… هذا بالإضافة الي ما تذكرته وذكرته اثناء نفس المقطع أننا قد وضعنا إسحاقنا على المذبح منذ أوائل أيامه.
ومازالت كلمات الترنيمة تُعاد مِراراً وتكراراً في ذهني حتى بعد مرض الولد. أثناء الدقائق الأولى لنا في المستشفى ونحن ننظر الولد يتنفس بصعوبة وننتظر مقابلة الطبيبة تغيرت كلمات الترنيمة من "ما تحمله الأيام" الى "ما تحمله الدقائق او اللحظات" ورفعت عيني على نصفها الآخير الذي لم يتغير وهو "انك معي"…
لم يتملكنا التوتر حتى لو كان موجوداً فان تجري بطفلك للطوارئ الساعة الثانية صباحاً مُصاباً بضيق في التنفس ليس امراً سهلاً. وحاول الشيطان ان يضرب زوجتي باحساس بالذنب لعدم تحركها مبكراً، الشئ الذي ادمعها وابكاها. وجدتني اقول لها بكل حزم "تفتكري ربنا هايسيب الولد يتضر علشان تقصيرنا؟ هو ده بتعنا؟ وأكملت، افتراضي ان ربنا عايز ياخده! ده مش بتاعنا، مش إحنا عارفين الكلام ده؟" وشعرت أني قد أثقلت عليها ولكنها فاجأتني قائلة "ان الموضوع ده مش هو المخوفني خالص" وكأنها تؤكد ما قلت.
في كثير من الأحيان ننطق ونرتل كلمات ونتفكر في بعض الافكار يستخدمها روح الله لتشجيعنا أثناء الأوقات الصعبة. لم يكن الموقف بالسهولة التي قصدتها من الصورة والتعليق ولا حتى نظرة الولد المُضحكة لتخفيف الخبر على أهلنا واصدقائنا… فقبل معرفة نوع المرض بدقائق قال لنا الممرض "أشجعك ان تأخذ هذه الرضيعة (ليلة بنتي) خارج المستشفى حالاً لانه في حالتين من الالتهاب الرئوي" ومن هنا عرف الولد ان هذا المرض خطير، وبعد دقائق شعر انه مهدد لانه سمع انه مصاب بنفس المرض. أثناء اصطحابه لحجرة الإشاعة سألني في هدوء مسيطراً على قلقه "هل هذا المرض سيؤدي للموت؟" طمأنته وسألته "هي كل أمور حياتنا في ايد مين؟" قال "ربنا" قلت له "هو في أحسن من كده؟" فاطمأن ولم يهتم بالأمر من وقتها.
مهم جداً ان الواحد يكون عنده رصيد في علاقته بالله، واقصد بكلمة رصيد ليس أعمال ولا أفعال ولا خدمة لكن ان يأخذ الله مساحة من رصيد عقلك وعاطفتك وقلبك. فإذا سمح لك يومٍ بتجربةٍ تجد ان فكرك وقلبك قد اُعدا قبلاً لرد فعل إيجابي صحيح بدلاً من ان تُصبح كالقشة في مهب الريح فيُداعب الشيطان قلبك وعقلك بشره. انا لا ادعي الروحانية ولا الإيمان الكامل ولكن مجرد بضع كلمات لترنيمة استخدمها الله لتشجيعنا. وبالتالي فكما أفسحت مساحة لله في حياتك قلت فرصة الشيطان ان يجد مكاناً لسهامه الملتهبة في فكرك وقلبك. وقتها لن تعيش تحت رعب المجهول والخوف والتحسُب لطعنات وصفعات إبليس لحياتك، لكنك ستأخذ الامر من يد الله الذي يقف في صفك؛ الله الذي لك. وقتها ستقول نفس الكلمات:
ربي لست أعلم ما تحمله الأيام لي،
لكن يا سيدي الحبيب يكفيني شيء واحد
ثقتي أنك معي…
No comments:
Post a Comment