ببساطة شديدة، إذا عاش هذا الأب حياته وأولاده هم محورها لسقط اليوم بجوار ابنه ميتاً. او على الأقل لفقد صوابه واختل عقله. هذا حال من نسمع أنه عاش لأولاده في ظرفٍ يشطُرُ القلب والعقل مثل هذا… نعم فمع انه اب صاحب رسالة تممها بالأمس بإمتياز في فلذة كبده ولكن لم يكن ابنه هو ما يعيش له. آضف الى ذلك النضج النادر، فالأب يعرف ان ابنه ليس ملكه ولا صناعته، فقد رأى الله يسترد وديعته بعد افضل استثمار واكبر فائدة في أقل وقت.
إن الدكتور محب نصيف قد اتخذ قراراً مسبقاً ان يعيش لرسالة أثمن من أولاده، عاش لشخص لا يموت ولم يقدر الموت ان يُمسك به… لقد تعلق بمن لا يُمكن ان يُؤخذ منه، وأثق أنه سيكمل خدمته بأكثر قوّة بعد هذا الجرح النافذ. اتخيل - كحالنا جميعاً - أن سيناريوهات الحياة بما فيها ما قد حدث بالأمس قد دار في مُخيلته قبلاً ولكنه اتخذ قراره وقتها بأن يضع إسحاقه على المذبح. وإن كان إبراهيم لم يسمح له الرب بذبح الولد لقصدٍ، إلا انه سمح ان يصل باخونا لتوديع ابنه لقصدٍ أيضاً، وفي كليهما لم يتخلى الرب عن صفة من صفاته كما أنه لم يُنقص صفة لحساب أخرى…
لقد أعده الله لهذا اليوم، أعده ليقف بكل قوة امام نعش ابنه ينطق بهذه الكلمات في الوقت الذي انعقد لسان كل إنسان آخر. نعم وقف يصرخ لا صراخ وعويل الذين لا رجاء لهم، ولكنه صرخ ليستفيق كل إنسان ويعتبر الدرس. وان كنت تراه وكانه يقتنص النظرات على صورة ابنه وكأنه يملاء عيناه منها إلا ان المشهد الذي يملأ قلبه هو يوم اللقاء القريب وليس يوم الفراق الرهيب.
وان بكى ماركو بالأمس الآلاف من البشر ليودعوه، لكنه مع شريكة حياته قد بكيا قبلاً لابنهما منذ ولادته - او ربما قبلها - ليعرف الرب فيضمنا أبديته، خوفاً واعتباراً لهذا اليوم، وها هما اليوم وان كانت دموع الفراق تملأ عيونهم الا ان قلبيهما يطفر فرحاً بالوديعة التي قدماها اليوم للسماء في هذا المحفل المهيب والمشرف بعد رسالة قصيرة تممها الابن في حياته والتي ظهرت تفاصيلها جلية اليوم في رقاده.
الرب يعزى الدكتور محب و العائلة .. و أنظروا الى نهاية ايمانهم و تمثلوا بهم
ReplyDelete