ماتت جدتي لامي عن عمر ناهز ال ٩٢ عام، مات جدي لابي في عامه ال ٨٨، مات جدي لامي في الستينات من عمره، كما ماتت جدتي حين كان أبي في الثانية والنصف من عمره، ماتت ابنة عمي في أوائل الثلاثينات بمشاكل في القلب، مات عمي وخالي بالسرطان، مات ابن عمي بسكتة قلبية وهو في اوائل الاربعينات، مات ابن خالي اقل من ١٨ سنة بأيام في حادث سيارة، سقط زوج شقيقتي في ال ٤٢ وهو يجري، مات صديق وهو في ال ٣٠ بعد دور سخونة، لم يستيقظ ابن خال آخر وهو طفل عامان، مات حمايا بعد رحلة قلب في أوائل الأربعينات من عمرة، ماتت فتاة في ال ٢٤غرقاً أثناء الاستحمام، مات اخر اعرفه عندما سقط من شرفة بيته بالدور السابع، مات مثل وقدوة متفحماً في ال ٢٤ وعُرف من كسر في سنته، مات ابن عمي في الخمسينات بعد صراع ١٨ سنة مع الأمراض، ماتت عروس بعد زفافها بساعات في حادث مُريع، مات صديق ٢٩ عام بورم في المخ، وإذا نظرت حولك قد تجد قائمة أطول، افتح صفحات الجرائد إذا لم تصدقني، هل وصلتك الحقيقة؟
ولكن دعني اقول ان ابي وامي واخوتي وزوجتي وانا و٧٠٪ ممن اعرفهم سنموت جميعاً خلال العقود القليلة القادمة. قد تكون تلك الحقيقة من الحقائق القليلة المؤكدة، وان كنا لا نجهلها لكننا كثيراً ما نتجاهلها؛ في كل عيد ميلاد تقول لصاحبه "عقبال ١٠٠ سنة" مَن مِن تعرفهم أكمل المائة سنة؟ مجرد تمنيات فارغة او محاولة لإبعاد او استبعاد الحقيقة، وخذ من اشباه تلك الكلمات "ربنا يطول عمرك" و"ربنا يخليك لينا" و"البقية في حياتك" و"آخر الأحزان" و"لا يريك الله مكروه في عزيز لديك" وغيرها من أطنان الكلمات التي إذا نظرت بتدقيق قد تستهيفها، فجميعها جوفاء لا قيمة ولا مضمون ولا تأثير لها في الواقع. هل وصلتك الحقيقية؟
قل لي في ماذا تقضي حياتك؟ فيما تفكر؟ هل تفكر في مستقبل أولادك؟ هل تقضي حياتك في تحقيق ثروة؟ هل تُصنف نفسك من الناس التي تفكر كثيراً وتخطط؟ هل ترى نفسك شخص عندك خبرة في الحياة العملية؟ هل تعتبر نفسك شخص واقعي؟ ايا كانت اجابتك فارجوك أجب عن السؤال التالي بشِقَيه من فضلك.. اين يوجد الآن كل من ماتوا؟ وأين هم من كل ما عاشوا لتحقيقه؟
اعرف ان موضوع اليوم سخيف وثقيل ولكنه حقيقة. قف اليوم وفكر متى سيحدث ذلك معك؟ لن أقول لك بعد الشر، او باقي كلمات المجاملة، واجه نفسك، قف اليوم واغتم وأحزن واكتأب واقلق وعول الهم وفكر وتفكر… فاليوم لك فرصة ان تجتاز الموت فهو لن يجتازك، فانه قادم قادم، ولكنه سيصبح بالنسبة لك قنبلة مُبطلة المفعول إذا ضمنت ما بعد الموت. أغمض عينك الآن واطلب من الله ان ينير عينك وقلبك وفكرك فتعرف الطريق الوحيد الذي بلا شك ولا جدال او احتمالات يضمن لك ابديتك التي لا تنتهي بعد الموت، فوقتها لن يكون الموت موت بل بوابة لفرح لا ينتهي.
No comments:
Post a Comment