Friday, May 3, 2013

افرح باولادك.

رحت مدرسة ابني للقاء أولياء الأمور بالمدرسين، أسخف وأثقل شئ كان على قلبي أثناء ما كنت طالب. فدائما ما كان يتبع هذا اللقاء قفش وتوبيخ وتأديب ولوم ووجع قلب… انا من يومي مليش في المدارس، فبعد اول يوم مدارس رجعت لابويا قائلاً "مبلاش موضوع المدارس ده يا بابا" وقتها كنت ٤ سنوات. وكانت الفاجعة عندما أتت مراتي لتوقظ ابني في ثاني يوم مدرسة وقال لها "هو كل يوم؟!" صرخت وقلت "ابنييي". اثناء انتظاري للمقابلة تذكرت وأنا في ساتة ابتدائي جري مدرس ورا أبويا في الشارع وقال له ابنك ذكي جداً لكن ميال للانحراف… الله يباركله مطرح مهو موجود… في اليوم ده الشمس غابت الساعة ٣ الظهر.
ربنا كرمني والولد مطلعش زيي بالضبط فقابلت المدرس وبداء وابل من المدح كاد يشككني ان الولد استبدل في المستشفى بعد الولادة… فريد على قمة قرّاء الفصل، ابنك موهوب ومميز، انا مش محتاج منه أي حاجة اكتر من كده أكاديمياً، في الرياضيات ابنك اول واحد عيني بتقع عليه بعد شرح الفكرة لأني واثق انه اول من سيفهمها، هو الوحيد اللي جاب النمرة النهائية في الامتحان. وغيرها من الصفات والمواصفات المنشودة بالنسبة لاغلب الأهل. مع العلم أني بقول لابني انا مش عايزك تطلع الأول، انا مش عايزك تبقى اشطر ولد، وأيا كانت درجاته بساله سؤال واحد، "دي أحسن حاجة تقدر تعملها؟" هو ده المهم، وبقعد احارب علشان يذاكر اقل… بيذاكر ساعة ونصف وآخره ساعتين في اليوم ولا مذاكرة من الخميس للسبت. انا بأقول دائماً "شخصية متزنة في كل جوانب أحسن من عالم فاشل في باقي جوانب الحياة" اتذكر حاجة تاني قلتها "ليه تذاكر اكتر لما ممكن تذاكر اقل؟" فانا دخلت الكلية اللي عايزها بفارق تلت في المائة. المهم قاطعت المدرس قائلاً قل لي عن الأخلاق والالتزام فقال "هو كويس بس طبعاً شقي" فقلت في نفسي "طب الحمد لله في أمل" وبداء المدرس يستعرض شغل وكراسات الولد وتذكرت كراساتي بتاعة الواجب… آه دي كانت مشكلة، اول درس محلول وبعد كده ابيض، ولو جيت أحل الواجبات هيبقى في فجوة لا تقل عن ١٠ دروس مش موجودين، فبالتالي كان العقاب هو الحل الوحيد. وعندما اسمع ان الكراسات اتملت والعيال ابتدت تجيب كراسات جديدة كنت أجيب على ان الأولى اتملت، وهكذا.
الدروس المستفاد بقي: لا تدفع ابنك للمذاكرة بالإجبار، لا تشعره ان المذاكرة هي اهم شئ في الحياة، لا تربط قيمته وتقدمه ونموه بالدراسة، اعرف قدرات ابنك ولا تطلب منه أكثر منها. لا تقارنه بأي طالب آخر أكثر تفوقاً، فقد يكون ذلك دافعاً لمزيد من الإحباط واللامبالاة. ادخل المرح لساعات المذاكرة، لا تتكلم سلباً على المدارس والمذاكرة أمامه؛ مثل الهم والغلب ووجع القلب او يا أخيراً بكرة إجازة او يا خسارة الإجازة خلصت وغيرها من العبارات والتعبيرات التي تعبر عن ثقل وبغضة الموضوع بالنسبة لك. لا تقل له انك كنت اشطر ولد في الفصل، فباقي أهل أقرانه يقولون نفس الكلمة، والتي اصبح مفادها انك بتكذب، وان كنت الأول فعلاً فحدد له نقاط قوتك ولا تتوقف عند هذا بل افصح عن نقاط ضعفك أيضاً؛ فهو ليس ابن سوبرمان؛ يجب ان يعرف ابنك انك غير كامل فهذا له تأثير إيجابي على شعوره عندما يفشل في شئ انه ليس فاشلاً كلياً، كذلك عندما يتفوق في شئ يعرف انه لم يتفوق في كل جوانب الحياة. عندما تجده غير قابل للاستيعاب او التركيز توقف عن المذاكرة فوراً، فالضغط أثناء تلك الأوقات له تأثير سلبي رهيب، فغداً عندما يأتي لنفس الدرس سيتذكر شئ واحد؛ هذا الدرس لا ولن افهمه، وسيتسبب له في عقدة بغيضة قد تكرّهه في مادة بمجملها. اعرف مفتاح ابنك، فكل طفل له شئ ما يشجعه او يحفزه، قد يكون دافع معنوي مثل شعوره برضاك عنه علمياّ، او دافع مادي ملموس مثل هدية او أي شئ آخر يعجبه ولا يضره. او قد يكون الدافع سلبي، مثل "ما لم تنتهي من حل الواجب خلال ٣٠ دقيقة لن تكمله وستذهب للمدرسة بدونه ولك الاختيار"
افرح باولادك، استمتع بهم وأعطهم الفرصة ان يستمتعوا بك، قيل "ابني ابنك ولا تبني لابنك"، فانت اليوم تصنع وتشكل في شخصية وكيان رجل او امراءة للغد. أحفر فيه ذكريات طفولة حلوة، قدم له وقتاً قبل ان تقدم له مالاً، قدم له حباً قبل ان تقدم له هدية، قدم له فكراً او اقتراحاً بدل ان تقدم له حلاً. احترم عقله وفكره وأعطه مساحة للتعبير… افرح باولادك.

No comments:

Post a Comment