Friday, May 3, 2013

إذا غابت الشمس

هل هناك فرق بين أن تُظلم الشمس وبين أن تغيب الشمس؟ إن الشمس أظلمت مرة واحدة عندما مات صخر الدهور ليحيينا من القبور. لكنها تغيب، وفي غيابها من جانب من جوانب الحياة قد تشرق في الجانب الآخر، ولا غروب إلا لأنها ستُشرق. قد تغيب عنا لكنه إلى حين، فمن المؤكد أنه بعد الليل لابد من النهار، فلا ليل يستمر أبداً وكلما اشتد الليل كلما قرُبَ بزوغ الفجر، كذلك فكلما طال الليل كلما قرُبَ النهار. قد تشعر أحياناً أنها النهاية وليس نجاة، لا رجاء ولا ملاذ، لكن إعلم أن الشمس لم تُظلم لكنها فقط غابت، إن غياب الشمس لا يعني أنها انتهت أو فُقِدت، ومهما طال الليل لكن شروق الشمس له ميعاد محدد لا يتأخر ولا يسرع. 

قد تضغطك الحياة أو تعصرك التجارب، تشملك خيبة الأمل أو تحصرك الظروف، قد تحرقك النار دون أن تري نورها، قد يغمرك الإحتياج أو يجتاحك الفشل، قد يشملك الإحساس بفقد القيمة والهدف ومعنى الحياة أحياناً وتشعر أنها النهاية أو نهاية النهاية لكنها ليست كذلك فإنها ليست الحياة ولا التجارب ولا الآمال ولا الظروف ولا النار ولا النور ولا الإحتياج ولا الفشل ولا القيمة ولا والهدف ولا معنى الحياة ولا غيرهم من العوامل هي نهاية المطاف أو الهدف في ذاته بل إعلم وثق يقيناً أننا لا نعرف الليل إلا إذا غابت الشمس ومن هنا أقول لك أن الظلمة إنما هي غياب النور، والنور لقادم لحياتك لا محال فالله وحده هو المسيطر والمتحكم في كل الأمور فهو الشمس التي تقشع الغيوم وتنير الظلام، إنه هو الذي سمح بذالك وليس أن الظلام قد قهر النور، إن عمله فينا تتباين صوره وتختلف طرقه لكنها كلها لخيرنا علي طوال الخط، مهما كان رد فعلنا لتلك الأحداث إلا أن الشمس ستشرق، فإذا تفهمنا وتجاوبنا بإيمان لمعاملات الله فسنأخذ الجعالة وستشرق الشمس وإن لم نتجاوب فستشرق الشمس لكننا سنخسر الجعالة. 

وعلى أية حال وإذا إعتبرنا أن حياتنا هنا ليل فلابد من إشراقة كوكب الصبح المنير، وإن كانت الدنيا تنام أثناء ذلك الليل نوم السبات العميق دون حساب دون إعتبار لاهيةً تعبث بالخطاة وتطوح بهم في سكر ونجاسة وشر مُعدة إياهم لمصيرهم الأبدي التعيس فعلينا نحن المؤمنين أن نسهر وإن كنا لا نعلم متي يجئ إلا أننا موقنون ومترقبون منتظرون واثقون فرحون ناظرون هذا اللقاء الذي طال إنتظاره وأوشك قدومه. إن السهر يجب أن يكون سهر العين والذهن والأذن سهر العمل والخدمة والقوة، سهر الصبر والنصرة والغلبة، سهر البحث المستمر عن الخطاة وتوصيل رسالة الخلاص لهم مُنذرين من الخطر القادم عليهم، تاعبين في محبة حقيقية للذي مات عنا. فسهرنا هذا كثيراً ما نأخذه مأخذ الهزر والسمر والتسلية والناس حولنا تتساقط ذاهبة إلي مصير مرعب وبقدر إيماننا ويقيننا بهذا الصبح القادم بقدر ما ستعكس حياتنا حياة السهر الصحيحة، حياة الصحو والإنتظار والرجاء. سهر الإكرام للذي ننتظره الذي له المجد إلى الأبد، أمين.. 

No comments:

Post a Comment