Friday, May 3, 2013

كل سنة وانت طيبة يا أمي!

كل سنة وانت طيبة يا أمي،

يا من علمتني وعملتني، أمي يا من أكرمني بها سيدي، أمي يا فخر وقدوة السنين. نعم عشت أرى المثل والقدوة، القامة والعَلم، الراية والضمير. عشت أرى فيكي مسيح مُصغر منذ نعومة الأظافر، نعم لم تتبدل أولوياتك للحظة ولم تتنازلي عن تقواكي مرة. لم يأتي يوماً لم أراك تفتحين كتابك ولم أرى ليلة تمر دون صلاة، واذكر وجهك الفرح واستمتاعك الحقيقي في اوقات خُلوتك. فكبرت لأعرفك فانت الايمان والضمير والمرجع والحب. في كل تيهاني كنت المنار وفي كل دروبي انت الفنار. ماذا يفهم الطفل عن سهر الأم؟ ليس سهر الليل فقط بل سهر النهار أيضًا، سهر العمر، سوف اذكر ما حييت عيناكي المفتوحتين على اولادك وصلاتك التي حُفظت لي عند الرب، لن أنسى أبداً كتاباتك والخطابات التي دقت ورقت وراقت كثيراً في القلب والعقل والضمير، وان كنت مزقت الكثير منها هربا او غضباً، عصياناً او عناداً إلا أنني اذكرها جميعاً ومازالت احتفظ ببعضها اعرف انها كُتِبت بالدموع والحب قبل الورق والحبر. أني لم أرى موقف قط فيه لم تمجدي سيدك. لم اسمع منك كلمة ليست في محلها ولا تصرف يختلط تعريفه او تصنيفه، نعم أكرمني الله بك. وما ابعد الفجوة بيني وبينك، فقد ارتفعتي بسقف القدوة لما يُصيبني بالإحباط كثيراً مع اولادي. وعلى الرغم من عدم إتمامي لاول وصية بوعد وهي إكرامكما فانا لا اذكر يوماً ان قلت لكي كلمة شكر او عرفانا بجميل تستحقينه إلا أنني أقوم اليوم لتطويبك وإكرامك فحتى ان كان متأخراً سنين هذا عددها إلا ان القلب والعقل لم ولن يغفلاكي لحظة. لم اراكي مرة تبحثيٍ عن حقك ولم أرى يوماً شخص عاقل غير ممتن ومحظوظ بمعرفتك او التعامل معك، نعم فقد شبهتي سيدك فكيف لا تُحبي؟!
اذكر ما تحكيه عن تقبيلي ليديك بعد إطعامي وقبل ان ينطق لساني بكلمة… نعم أحبك… ولن أنسى يوم كنتِ حبيسة المستشفي لفترة بسبب المرض وانا بعد طفل عامين واشتقت إليك فجررت مقعداً اتسلقه لأصل لصورتك وعند محاولة منعي صرخت "إيه ماما!!" نعم اشتاق إليك…
اعرف انك مختلفة، فالله لا يعطي فوق الطاقة، اعرف أني كنت بالمنظور البشري ابن فوق الطاقة، ولكن اعرف يقيناً انك شخصية فوق العادي. اعرف انك رأيتي مني الكثير، لا اعرف كم مرة تسببت لك في ازمة تنفس، أتذكر يوم لفتا أختاي رأسي بالشاش الملطخ بالميكروكروم ووقفنا في البلكون لاستقبالك ورأسي ملفوف فانقطع نفسك حتى وصلتي لنا. اذكر ذهابي معكي للعيادة وطول اناتك وقدرة احتمالك التي تتعاملي بها معي. اذكر كل ما حثيتيني عليه وكل ما اعترضتي عليه في حياتي، الشئ الذي عانيت منه كثيراً ومازالت، فدائما صوت الحق مُوجع. اذكر تعبك المتواصل في المذاكرة، فقد ابتلاك الله بابن صعب اذكر "ذهييلي" اذكر الاستلقاء وسماع قرائتك المواد المختلفة، اذكر مقابلات المدرسين وأول يوم اخذتيني للمدرسة. فاكرة "توووت"؟ أيام وسنين عدت لكن علّمت وحفرت كثيرا. وطبعاً اذكر رحلاتك المطولة والمتصلة مع الأمراض المختلفة والمتشعبة، ولكن أقول كما أقول دائماً أني لم أرى يوماً قد تضجرتي او اعترضتي، لم يغب عنك السلام الذي اعطاكي سيدك للحظة، اذكر على مدار أكثر من خمس وعشرين عاماً أني لم اسمع منك سوا الشكر الحقيقي والقلبي للرب والطمأنينة الغريبة التي اكتشفت بعد سنوات أني قد ورثتها في التعامل مع امراضك. اذكر يوم اجريت لكي جراحة وانت تقولين لي في كل هدوء وسلام وابتسامة وفرحة قبل العملية بدقائق، "ان لم نتقابل هنا تاني سنتقابل هناك، ماتعلش هم" اذكر شهادة طبيبك عن ندرة حالتك وندرة سلامك ونضارة الوجه وهدوء البال أيضاً، نعم أنهم يسألون عن سبب الرجاء الذي فيكي كما قال الكتاب المقدس. نعم لقد قال "انت بتُذهليني يا دكتورة فضيلة" وأنا أقول انك اذهلتينا كثيراً، ليس في المرض فقط لكن في الحب والعطاء والإيمان والثقة والرجاء الذين يحيون داخلك بكل معنى الكلمة. فانا لا اذكر مرة حاولتي فيها إجباري لاتصرف حسناً إلا ان حياتك وصمتك كانا أقوى وأعلى من صراخ الأمهات المعهود وكأنك قد استودعتينا لإله صالح عالمة ان معاركك كلها تُحسم في عرش النعمة.
واليوم، وانا اعرف ان ثمر ما زرعت في شحيح وان كان فيَ شئ صغير صالح او جيد فالفضل يرجع للرب أولاً وأخيراً فهو من أكرمني بابوين يعرفا الرب، شهدا امامنا على مر السنين بحياة لمست القلب وها هم اليوم يرفعاني أنا وبيتي في صلاتهم كل يوم، نعم نحن محظوظين وفخورين كل الفخر. لم ولن ينتهي دوركما ما حيينا…
ابن ينحني امتناناً وينتصب فخراً... — with Fadila Nashaat.

No comments:

Post a Comment