Monday, May 20, 2013

أمٍ تبوح وعطرٍ يفوح


حدثني عن الام المخاض، وكلمني عن سهر الأم على رضيعها، قل لي شعورها وهي تلاحظ تقدمه ونموه لحظة تلو الأخرى في طفولته، كيف تفرح عندما يخطو أمامها أولى خطواته؟ صف لي سعادتها يوم رأته في زي المدرسة في يومه الأول. خذني في رحلة العمر وهي تتذكر ذكريات الطفولة وتعبها أثناء مرحلة الشباب، حالمةٌ ان تراه قد أتم تعليمه ثم تحضر حفلٍ يزف فيه لعروسه او حلمها ان تحمل حفيداً… حدثني عن الصلاة والدموع والعطاء والمحبة والخوف والقلق والتعب والتربية والتنشئة والمعاناة والجهد والطاقة والصبر والليل وطول البال وقوة الاحتمال والاحلام والطموحات الذين ينتهون في لحظة دون عودة ولا أمل… لقد زرعت بالدموع ولم ولن تحصد… نعم فقد خرج الابن ولن يعود.

صديقي المشكلة لا تكمن فيما سبق، فهذا حال الكثيرين الذين يسمح لهم الرب بهذا الاتون المُحمى… ولكن الموضوع ببساطة انها اليوم تقف على مِنبر الاتون هذا لتتحدث إلينا، فانت تسمع ممن لم نسمع صوتها على مدار سنين طوال كمن يهللون كثيراً، او يعظون بالشعر والنثر والفصحى والفصاحة والصحافة والسياسة والفلسفة… الأخت منرڤا هي التواضع المذهل، والهدوء الوقور الذي لم أره من قبل. نعم في هذا المشهد الذي ابكى من كان خلف الكاميرا، تفتح فاها فتعلمنا كسيدها، واقتبس من كلماتها ما اقتبسته لوصف ابنها والذي ينطبق عليها تماماً؛ انها قارورة الطيب التي لن تشعر بها إلا عند كسرها فتفوح الرائحة الذكية ويمتلئ العالم من طيبها الطيب والنفيس. بل دعني أقول انها انسحقت واكتوت بكل ما تحمله الكلمة من حقيقة في هذا المشهد. لم تسكت ولم تسقط، لم تنهار رغم النار. لقد تركت كل شيئٍا قديماً إيمانا منها بالدور الذي أكرمها الرب به، فصارت ربة أسرة مؤثرة. وان كانت قد فقدت ما لا يُعوض من هذه الأسرة ولكنك تجدها تتحدث للأبناء والإباء، واعظة ومُرشدة، ناصحة ومُعلمة اياهم بعد أيامٍ قليلة من موت ابنها. تكلمهم في ابتسامة مؤثرة عن الأولويات والأبدية والعطاء والمحبة والخدمة والبذل والتواضع والشكر وغيرها الكثير… وكأنها تُقلّب صفحات قصة حياة ابنها الحلو لتُخرج منها دروساً لمن يسمعها، فقد فتحت جنة ابنها ليقطف ويلتقط منها كل عاقل ازهاراً وثماراً واثماراً، كنوزاً واطياباً. علمتنا ان هناك حقائق أخرى أكثر حقيقةً يجب ان نعيش لها، فعمت الاستفادة من هذه الحبة المحبوبة التي ماتت لتأتي بثمر كثير متشبهة بسيدها الكريم. 

ثمر؟ الم تقل قبل قليل انها زرعت ولم ولن تحصد؟ نعم انه إكرام سيدها، فبعد ساعات قليلة رأت ثمراً متكاثراً ومتناثراً في كل ربوع الارض، ثمراً عاشت وماتت قبلها ملايين الأمهات ولم يرون عُشر ما رأته تلك الام. فتراها وقد تنازلت عن حقها في الثمر الأرضي من الشهادة والتكريم والزواج وفرحة الأحفاد، لتربح شهادة الآلاف والتكريم الإلهي والزفاف السماوي بالإضافة الى أحفاد كثيرين أتى بهم ماركو لمعرفة الرب في حياته ورقاده.
انها شعرت بإكرام الرب ان يجوزها نفس سيف المطوبة قديماً، فقبِلت دون ضجر او لوم. مازال الرب يتكلم لنا من خلال أشخاص مُعاصرين حولنا، انجيل معاش؛ يشهد عن صحة الكتاب المقدس وصدق كلامه وصلاحيته لكل العصور والخلفيات والثقافات، انجيل يستخدمه الله بكل قوة في وقتٍ زرع إبليس الرفض في نفوس البشر ان يقرؤوا الكلمة المكتوبة. وختمت بنفس الترنيمة التي شغلني بها الرب في ذلك اليوم إذ كانت صلاتي ان تكون شعارنا والأسرة: في قلبي كما انت لا يعتريك سيدي تغير البتة…  تعلو الحياة بي أو ربما تهـوي لكنـك في قلبي لا لا تـتـأثـر… في دمعة العين وكثـرة الشجن ها تعزياتك تلـذ لي في داخلـي… ستبقى شامخاً في قلبي، حبي سندي... في قلبي كما انت لا يعتريك سيدي تغير البتة…


Friday, May 17, 2013

نجوى وليم…

نجوى وليم…

هذه البطلة التي إذا كان الكتاب المقدس يُكتب في زمننا لذكرها وطوّبها بلا شك ولا جدال، أنها الجندي الذي حارب على مدار العمر ليكرم الرب في عطيته لها وجرعة الألم والصبر. أنها من عاشت مبتسمةً، راضية، شاكرة ومشجعة زوجها على مدار رحلة اجتازت الخمسة عشر عاما من المرض، نعم انها من حفظت العهد عندما قالت "في الصحة والمرض"رافقته الرحلة بكل ما شملت كلمة معين من معان الحب والعطاء، التضحية والتفان، العون والمعية. في مشقات والام وضيقات وضغوط وكوارث وكروب وحروب الحياة. رايتها ترد نفسه في لحظات كاد الشيطان ان يحطمه بأسئلة لا يعرف إجابتها مخلوق. رافقته، ساندته بكل حب فعاش يخدم سيده رغم الألم بكل فرح ورغم الحروب بكل إيمان. أكيد صلت كثيراً طالبة الشفاء له، أكيد حلمت ان تعيش كباقي من حولها دون هذا الضغط الذي لم ينقطع لحظة. ولكن الله رأى فيها قوة الاحتمال الجبارة هذه، فانه لا يعطي فوق الاحتمال. وظلت طوال هذه السنوات تستقبل مرض تلو الآخر وتجربة تلو الآخري في اغلب أعضاء جسد زوجها، هذا الجسد الذي اتحدت به أفلا تشعر بألمه ووجعه؟! أكيد أنها حلمت ان تقاسمه الألم في جسدها لتخفف عنه. ومع كل هذا فلم اسمع منها سوى الشكر الحقيقي من القلب والثقة الثابتة في الله. وكأنها ترى ما لا يرى، ولا ترى ما يرى وكأنها بدأت من حيث انتهى العقل والمنطق والطب والمنظور نعم انه الإيمان الحي المعاش، انطلقت بكل قوة تلعب أدوارها كزوجة وكام وكزوجة ابن وأدوار أخرى كثرة. فقد اخرجت معه للعالم ثلاث ابطال يكرموا الرب ليس لان الظروف سهلة ولكن رغم الظروف العاصفة. رايتها تخدم أبويه سنوات بمثالية لا يمكن ان تُصطنع أو ثُمثل بكل الحب والتقدير. 

واليوم ودعت زوجها للمجد حيث يبدأ الفراق الذي لحين على الرجاء اليقين، نعم أنها ستلقاه قريباً مع سيده ولكن دون خيمة المرض وخيبة الطب. أنها لم تطوي صفحة، وان كانت اليوم قد تيقنت بان صلوات كثيرة لم تُستجاب ولن تُستجاب ولكنها اليوم تتوج لانها جازت الاختبار. أنها سيدة لها رسالة ومازالت تؤديها، انها مرحلة جديدة من الحياة بدات، فرغم دموع الفراق التي سالت اليوم في سكون لكنك تراها القوية بإلهها فقبل ان تمر الأربع وعشرون ساعة تقوم بكل الأدوار بكل قوة. هل يمكن ان تكون هذه القوة لها مصدر آخر غير لمسة من خالق الكون لابنته التي تكرمه؟! لا، أنها من اجتازت أحلك الظروف واليوم تُشرق عليها شمساً جديدة لم تراها منذ زماناً بعيداً، فهي ترى زوجها وقد أعتق من هذا الجسد الهزيل الذي هلهله المرض واشقته بل شققته التجارب والفحوصات. نعم اليوم تراه بالإيمان تكرّمه السماء وتستقبله الملائكة واتخيل ان هناك استعدادات خاصة في السماء لاستقبال هذا الرجل. أقول هذا ليس لتكريمه وان كان وبلا شك يستحق التكريم ولكن لتمجيد السيد في إتمام مقاصده من خلال شخص عاش حياة مختلفة لمجد الله. 

أنه درسا عمليا لنا جميعاً قد دفعت هذه الأسرة ثمنا باهظاً كي ما نتعلمه. كفانا تهاون وهوان. يا نساء العالم استفيقوا عودا إلى صوابكن واعرفوا ما هى ادواركن ورسالتكن؟ اين أنتن من العشرة مع الله؟ اين انتن من أزواجكن؟ اين أولادكن؟ اين قدراتكن ومواهبكن التي وهبها لكن الله لتغيروا العالم من حولكن. كفاكن سخافات عيشوا كما يليق بما دُعيتم له. اغلب من اعرفهن منكن لا يتحمل عُشر ما تحملته هذه الزوجة، راجعوا تزمراتكن وململتكن، افحصوا أهدافكن ودوافعكن، امتحنوا أحلامكن وتطلعاتكن، راجعوا اولوياتكن وترتيبها ولا تستخفوا بيد الله القوية، فان كانت ما عاشته هذه الزوجة كان لإكرام وتمجيد سيدها فقد تعيشه أخرى تحت التأديب. أنا لا اخيفكن ولكني أصرخ في وجوهكن قبل فوات الأوان.

الله يرحمه،

دعوة يدعوها الملايين منا عند فقد شخص عزيز وغالي، انها محاوله صادقة ان يتوسطوا له عند الله ليرحمه من أنواع عذاب مختلفة يعرفونها بعد الموت. يطلبون الرحمة لمن مات، يطلبون من الله ان يُشفق عليه ويجيز عنه ما يتوقعون ان يجتازه الميت بعد ان فارقت روحه الجسد…
هنا الحقيقة، من منظور إيماني وقتاعتي واعتقادي هذه الكلمة هي عبث كبير ولهو خطير… فبمجرد ان تنفصل الروح عن الجسد لا يمكن ان يحدث تغير... فان قرار قبول الرحمة هو قرار الشخص في حياته، فالله لا يريد ان يُهلك أحداً وكل من يرفض ربوبية الله على حياته هو من لن يُرحم حتى ولو ترحمت عليه البشرية كلها… من انت لتتوسط له؟ هل انت بلا خطية؟ هل انت في مرتبة أعلى منه؟ انه مع شديد الأسف مجرد عبث. نعم وبكل وقار وحسرة واسف وحزن واسى قد يكون هذا العزيز الذي فقدته يتمنى ولو لحظة من العمر ليتوب فيها لله ويعترف به رباً وسيداً ومخلصاً، ولكن مع كل الأسف لا أمل ولا فرصة ولا مجال للرجوع. لماذا؟ لانه ببساطة كانت له الفرصة كاملة ورفضها اثناء فترة بقائه على الارض. فالاجدر بنا ان نتيقن من موقفنا من الابدية كل واحد على حده، لان ترحمات الاهل والاقارب والاصدقاء لن تغير شئ من وضعي بعد الموت، ومن هنا اضمن ابديتي واستكمل رسالتي واسعى للإنسان أثناء حياته ليعرف الله ويعترف بسيادته على حياته فتُضمن أبديته بعد موته. بدلاً من اللهو بعد موته في أمور لن تتخطى حاجز المشاعر الرقيقة والمجاملات اللطيفة دون تاثير يخترق حاجز الحقيقة.

Thursday, May 16, 2013

بضع خطوات للخلف..

انه لمن المعروف ان رجل الله في العهد القديم ينقل ويُمثل فكر الله بين البشر. في وقت لا مطر فيه وفي انتظار مجاعة حتمية حدثت تلك القصة: طلب نبي من أرملة أن يشرب، في كثير من الاحيان يطلب الله منا أمور في مقدورنا تنفيذها، فلا مانع أن نضحي بكوب ماء من أجل السيد، هذا ما قد فعلته تلك الأرملة وكأنها تمدح نفسها وفخورة لكرمها وإكرامها لرجل الله في كوب الماء هذا في زمن ندرت المياه فيه، فقامت لتأتي بها دون أسئلة ولا اعتراض.
ثم عاد وطلب إيليا من الارملة أن يأكل، لقد عمّق الطلب قليلاً إذ طلب كِسرة خبز في زمن المجاعة، وكأنه يختبر الى أي مدي ستتجاوب معه. لم تُخفي المرأة قلقها فأفصحت أنها أخر وجبة عندها ثم الموت مُحتَم لها ولولدها. وكأنها تقول "هل هذا معقول؟ فان كنت أنت وأنت نبي الله ليس لديك خبز فكيف سيكون حالي وانا المرأة الوحيدة والضعيفة؟!" ولكن بعد حوار مُطمئن أخذها الى طلب أعمق، إذ طلب منها أن يأكل هو أولاً، ولتأكل هي وابنها اخيراً، كثيراً ما يضعنا الله في هذا الامتحان المتكرر "هل أنا الأول؟" و"هل انا الاول رغم الواقع المنظور والغير المنطقي؟" لقد قال إيليا أن البركة لن تنقطع من البيت فالزيت لن ينقص والدقيق لن يفرُغ؛ وهنا شعرت الأرملة ان البركة تستحق المجازفة، نعم فخطر الموت عبر وأكلت ليس هي وأبنها ورجل الله فقط ولكن بيتها أيضاً حتي جاء المطر..
ولكن في بُعد أعمق واكثر حساسية وألم أخذ الرب الولد؛ ابنها وحيدها، وهنا المحك، فهو لم يسألها قبل ان يأخذ الولد لأنه يعرف جيدا انها لن تقبل… فكوب ماء ممكن، كسرة خبز صعب، كعكة صغيرة ومعها بركة لا مانع، لكن الولد!! لا، وكأنها تقول حتى ولو كان ذلك بعدل الله لكن عند الولد أنا اعترض.. لقد تناست انها قبل أياماً كانت قد سلمت بموت الولد وموتها جوعاً. كثيراً ما يأخذنا الله لاعماق حساسة وحيوية في حياتنا، ياخذنا عند الغالي والثمين، عند امور كثيراً ما نخرجها خارج نطاق العطاء والتقدمة،  ويسألنا السؤال مرة أخرى "هل ستعطني ما أطلبه؟" ويضيف "هل مازلت تثق فيّ كما اظهرت تجاوبك وثقتك وسخائك وطاعتك في الامور الصغيرة؟ هل تشعر انه بإمكاني ان إملاء الفراغ؟" والسؤال المهم "هل تعلمت نتيجة الطاعة من اختبارات الماضي؟" لقد استخدم الله إيليا وعادت روح الولد فيه ولم تفقده امه.
هنا الدرس... اذا رجعت بضع خطوات للخلف سترى الصورة الكبرى، ستعرف ان الرب في كل المواقف لم يأخذ منها شيئاً بل في كل مرة يأخذها هي في عمق جديد من الاختبار، النقطة المحورية هنا ان الله لا يأخذ منا بل يأخذنا نحن لأعماق جديدة من البركة والمجد والنصرة والعشرة والمحبة، هناك يكشف لنا عن ذاته في أبعاد جديدة، هناك سنعرف انه لم يُخطئ، لم يقسو ولم يكسر إلا لما فيه بركتنا وصالحنا، كما انه لم يجرح إلا ليعصب ويطهر ويداوي تشوهات وعلل زرعتها وأصلتها الخطية والعالم والجسد فينا. راجع قصة المرأة التي كانت تعيش في الخطية وطلب منها المسيح ان يشرب، لم يقل الكتاب انه شرب ولكنه أعطاها ماء الحياة وصنع منها اسرع مرسلة في التاريخ.
هل تستأمن الله على حياتك وبيتك وما لك؟ أم انك تختار من بين عطاياه ما سوف تقدمه له؟ لو طلب منك الله ان تُعطي من إعوازك هل ستفعل؟ ان طلب منك ان تُقدم العزيز والغالي والثمين، هل سترضى وتقبل؟ هل ستدرك البعد الكلي للصورة؟ أم انك ستقع فريسة المشاعر والمنطق والعقل والشفقة على النفس وغيرها من الأحاسيس التي تُفقدنا ما لم ولن نعوضه؟ اعتقد إذا ترسخ هذا الفكر فينا سيتغير الكثير من ردود افعالنا وتأثيرها علينا تجاه معاملات الله في صورتها الكلية.



Monday, May 13, 2013

كيف يقدر اب ان يقف هذا الموقف ويقول هذه الكلمات؟


ببساطة شديدة، إذا عاش هذا الأب حياته وأولاده هم محورها لسقط اليوم بجوار ابنه ميتاً. او على الأقل لفقد صوابه واختل عقله. هذا حال من نسمع أنه عاش لأولاده في ظرفٍ يشطُرُ القلب والعقل مثل هذا… نعم فمع انه اب صاحب رسالة تممها بالأمس بإمتياز في فلذة كبده ولكن لم يكن ابنه هو ما يعيش له. آضف الى ذلك النضج النادر، فالأب يعرف ان ابنه ليس ملكه ولا صناعته، فقد رأى الله يسترد وديعته بعد افضل استثمار واكبر فائدة في أقل وقت.
إن الدكتور محب نصيف قد اتخذ قراراً مسبقاً ان يعيش لرسالة أثمن من أولاده، عاش لشخص لا يموت ولم يقدر الموت ان يُمسك به… لقد تعلق بمن لا يُمكن ان يُؤخذ منه، وأثق أنه سيكمل خدمته بأكثر قوّة بعد هذا الجرح النافذ. اتخيل - كحالنا جميعاً - أن سيناريوهات الحياة بما فيها ما قد حدث بالأمس قد دار في مُخيلته قبلاً ولكنه اتخذ قراره وقتها بأن يضع إسحاقه على المذبح. وإن كان إبراهيم لم يسمح له الرب بذبح الولد لقصدٍ، إلا انه سمح ان يصل باخونا لتوديع ابنه لقصدٍ أيضاً، وفي كليهما لم يتخلى الرب عن صفة من صفاته كما أنه لم يُنقص صفة لحساب أخرى…
لقد أعده الله لهذا اليوم، أعده ليقف بكل قوة امام نعش ابنه ينطق بهذه الكلمات في الوقت الذي انعقد لسان كل إنسان آخر. نعم وقف يصرخ لا صراخ وعويل الذين لا رجاء لهم، ولكنه صرخ ليستفيق كل إنسان ويعتبر الدرس. وان كنت تراه وكانه يقتنص النظرات على صورة ابنه وكأنه يملاء عيناه منها إلا ان المشهد الذي يملأ قلبه هو يوم اللقاء القريب وليس يوم الفراق الرهيب. 
وان بكى ماركو بالأمس الآلاف من البشر ليودعوه، لكنه مع شريكة حياته قد بكيا قبلاً لابنهما منذ ولادته - او ربما قبلها - ليعرف الرب فيضمنا أبديته، خوفاً واعتباراً لهذا اليوم، وها هما اليوم وان كانت دموع الفراق تملأ عيونهم الا ان قلبيهما يطفر فرحاً بالوديعة التي قدماها اليوم للسماء في هذا المحفل المهيب والمشرف بعد رسالة قصيرة تممها الابن في حياته والتي ظهرت تفاصيلها جلية اليوم في رقاده.

Sunday, May 12, 2013

اسئلة أثناء التجارب…

اسئلة أثناء التجارب…
لماذا نحن؟ أو لماذا نحن ثانيتاً؟ وقد يسأل بعضنا هل الله خلقنا فئران تجارب؟ هل نحن لُعبة الله كي ما يفعل بنا ما يشاء دون اكتراث بالامنا واوجاعنا وكسرة وحرقة قلوبنا؟ هل الله عادل؟ هل خُلقنا لنُذل؟ هل يستمتع الله بضغطتنا وعصرنا في التجربة؟ أما يبالي الله بمشاعرنا ودموعنا؟ هل اوجدنا الله ليسحقنا كي ما يتمجد هو؟ هل الله قد تركنا للدنيا كي ما تلطمنا بامواجها كما تشاء، وهو في سماه يستمتع بملائكته؟ هل مازال الله قادر ومسيطر على المشهد أم ان الذمام قد انفلت من يده؟ هل يضربنا الله بعصا من حديد كي ما نعبده قهراً؟ هل نحن ارض المعركة التي بين الله وإبليس؟ الا يقدر الله ان يحقق مقاصده بدون كل هذا الألم والخسارة؟ لماذا الآن؟ هل يستمتع الله بالمنح أم بالمنع؟ بالأخذ أم بالعطاء؟ هل الله حقيقة؟ ها نحن قد بعنا كل شئ وتبعناك فكيف تقسو علينا هكذا؟ الاتبالي بقلب الأم؟ الم تبكيك أمك عندما كنت على الأرض؟ أمامك كل هؤلاء الأشرار الذين يستحقون الموت البطئ لماذا تأخذ اتباعك بهذه السرعة؟

اطنان من الاسئلة داخل كل منا وتبقى إجابة واحدة وحيدة ان الله "كامل" وكلمة "كامل" هذه تحوي انه كامل المجد ايضاً، اي انه لا ينقصه المجد الذي نُمجده به نحن القاصرين الخطاة اثناء التجارب ولكنه يسمح لنا في كماله ان نتمجد من خلال مجده، فهو يشركنا بلمحات من الالم ليغمرنا بمجد يفوق كل عقل من حيث الكمية والكيفية والاستمرارية… لِأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا ٱلْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا .  وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى ٱلْأَشْيَاءِ ٱلَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى ٱلَّتِي لَا تُرَى . لِأَنَّ ٱلَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا ٱلَّتِي لَا تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ. (كُورِنْثُوسَ ٱلثَّانِيةُ 4:17, 18)
اضف الى ذلك ان الله قد وهبنا ابنه فأي شيء يمنعه عنا؟ : "اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ٱبْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لِأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ، كَيْفَ لَا يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟ (رِسَالَةُ بُولُسَ ٱلرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ 8:32)
وهو الذي تألم مجرباً كي ما يقدر ان يعين المُجربين من واقع التجربة… لذا مازلنا قادرين ان نقول من القلب انه صالح وكامل الصلاح، ومحب وكامل المحبة، وحنّان وكامل الحنان، ورؤوف وكامل الرأفة، وحكيم وكامل الحكمة، وقدير وكامل القدرة، ورحيم وكامل الرحمة هو هو امس واليوم والى الأبد…

Friday, May 3, 2013

إذا أردت أن تعرف لمحة عن قوة وقدرة ومحبة المسيح فاجمع كل خطية وشر وضلال وكل فساد وبغضة ومعصية وكل خداع وقهر وقتل صنعه كل إنسان من يوم ميلاده وحتى آخر نفس له بوعي أو بدون في كل العصور من كل الأجناس والأديان في جميع أرجاء المسكونة وأعلم ان المسيح قد دفع ثمنها وسدد حسابها جميعاً وكاملاً في ثلاث ساعات فقط

الوردية مش وردية…

الوردية مش وردية… شكلي هاشوف ليلة مع الست ليلى!! ياريت تدعو لنا علشان شايف نوم تعالب ولعب ومقالب… شكلها طالعت اسم على مسمى :-(

March 10 2013

بكاء الأطفال ما بين "الاسباب والسُباب" و"الحلول وقرع الطبول" وماذا تفعل قبل ان تجن العقول؟

طبعاً اول سبب لبكاء طفل هو الجوع والمغص. كما إن التجشؤ سبيل أساسي لراحته، فان لم تتخلص من هواء المعدة بالفم سيجد طريقاً آخر اطول واكثر الماً. الاحتياج للنوم قد يصحبه صراخ وقد تحتاج ان تُغمض لها عيناها بيدك حتى تنام. ممكن تسكت بالصوت او السكوت والمزيكة واختراع ألفاظ مثل "بوح لوح پاپي" (يعني بُحلق روح پاپي) و"انت بابي دحشة" (يعني جحشة لا مُاخذة) او "ليلة مايلة" و"ليلة هايلة" و"ليليتنا طين" او أي هفلطة وتفضل تكررها لحد ما هي تفصل (مش انت). التبديل بين النور والضلمة. حرانة او بردانة. ركوب السيارة والهز والمرجحة والشقلبة وكسر الروتين. الاستحمام والاستجمام. الحفاضة ومُحتواها! ممكن تبكي أحياناً من صوت بكائها، لازم تتصرف. شئ معين يجذب انتباهها، فمثلاً انا وساعة الحائط لنا غرام خاص. ثني الأرجل والتقميط، هذا ايضاً يقلل من التلويش والتلطيش والخربشة في نفسها حيث تُفزع فتبكي. قراءة الملامح وحركات الايدي والأرجل وأكل الأصابع لكل منها مدلول عن سبب البكاء. حالتك المزاجية والعاطفية والتواصل اللا منطوق بينكما جميعها لها دور في حالتها المزاجية.
وفي الآخر وبعد ما تكون عصرت مخ الخلفوك وحاولت كسر الحلقة المفرغة وتغير كل العوامل المختلفة وتخلص كل التجارب ويفضلك الفأر والفقر وتلاقيها لسة بتعيط!!! تعمل ايه ساعتها؟ تشد في شعرك وتتجنن؟ لا، يبقى الحل الأخير والمضمون الفاعلية ١٠٠٪ وهو انك تحط مخدة او اتنين على رأسك وتنام او سماعات الرأس وتعلي الصوت وتبص في حتة تانية او تشوف أعلى حاجة في كاسيت العربية وتديها. وتعمل ده بضمير مرتاح تماماً عارف ليه؟ علشان بيبقى فاضلك تكة ويجيلك انهيار عصبي فلازم تلحق نفسك علشان عندك عيال عايز تربيها… علشان تصحح لأصحابك معلومة "اللي خلف مامتش" لانه "اللي خلف ماعاش" وطبعاً لازم تصدق عملياً انك تعيش في "زمن فن تربية الآباء" وتفضل تحبهم وتزيد غلاوتهم كل ما تزيد غباوتهم :-)

فوّل اتنين وتسعين من فضلك!

كلمة ومن الآخر، كل راجل ما يخليش مراته تعمل كل حاجة تخليها تعرف تبقى معتمدة على نفسها بيضرها جامد جداً… - معليش يعني - مين قالك انك قاعد لها على طول؟! مش لازم تتبهدل؛ لأكن لازم متتبهدلش! والعكس بالعكس طبعاً…
أنا البمون العربية على طول وهافضل اعمل كده، لكن كان لازم تعرفها، وتجربها أنا أخدتها بضحك ولعبنا واتصورنا وكده، لكن الهدف جوايا كان مختلف…
أنا مش مُعقد ولا سودوي، أنا بس واقعي...
فوّل اتنين وتسعين من فضلك!

الخوف والمخافة

كثيراً ما نمر في إختبارات مختلفة البعض منها يمر بسلام والبعض الآخر نفشل فيه. دعنا من البعض الأخير( الذي نفشل فيه) ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل هذه الإختبارات التي تمر بسلام نحن نُدرجها تحت مسمي النجاح؟ أخاف من ذلك لأن الإختبارات التي تندرج تحت النجاح لها معايير عند الله. دعنا نفكر في بعضها. أعتقد أن أهمها هو:
• القرب من الرب في شركة شخصية معه، علاقة تجعل الوقوع في الخطية شيء بغيض وغير مقبول وخصوصاً إذا قارناه بالعمل الذي عمله المسيح علي الصليب العمل الذي إذا فكرنا فيه إحتقرنا أي عمل لا يمجد إسمه القدوس
• محبة الرب والسعي لمعرفة مشيئته وتتميمها في حياتنا ولكن ما أخافه هو إننا نسمي الخوف قداسة.

الخوف ليس تكريس، الخوف ليس محبه لله. في كثير من الأحيان إذا حلّلّنا بعض التجارب التي مرت بسلام نجد أن سبب عبورها بسلام ليس ما سبق ذكره من علاقة ومحبه وقداسة وتقدير لعمل المسيح لكن بكل أسف نجد أن سبب عبورها بسلام هو الخوف، الخوف من نتائج الخطية، أو حتى الخوف من الله. الجبن من المجتمع والناس، مراعاة الأخلاقيات العامة في بعض المرات، الحفاظ علي المركز أو الصورة حتى أمام أنفسنا، إن كل هذه الأمور قد تصل بنا إلي نفس الشكل النهائي للنجاح في التجربة ولكن السؤال المهم هو هل الله أعطانا نفس الحكم والتقدير الذي أعطيناه نحن لأنفسنا؟
لكني أسالك السؤال بطريقة أخري هل نحن نعمل ما لا يلوم عليه المجتمع أو إذا وُضعنا في موقف ما سوف نختار أن نرضي الناس أكثر من الله ؟
صديقي إن تقدير الله لمثل هذه النجاحات كما نسميها ليس كذلك، لأن الدافع والباعث لعدم عمل الخطية والسقوط فيها لم يكن محبة الرب ولا التكريس ولا تقديراً لعمله لذا فأنت لم تعمل الخطأ لأنه يحزن الله لكن لأنه يعود عليك بالضرر بشكل أو بآخر.
دعنا نعيش الحياة له وليس لنا، أي أن نفعل رضاه وليس أن نعمل ما يرضينا بالتوازي مع ما يأخذ شكل إرضاء الله إن الحياة المسيحية ليست فيها الجُبن سيد الأخلاق

بنبرة صوت

لما بكون عايز الفت انتباه مراتي لحاجة أثناء كلامها مع فريد ومش عايزه يفهم، بتكلم في موضوع مختلف بنبرة صوت معينة. المهم النهارده كانوا بيتكلموا والكلام اشتد وهي متعصبة منه لتصرف أحمق، فرُحت قايل بالنبرة إياها "صباح الخير" وطبعاً ماريان فاهمة قصدي فراحت ردت "ماهو هو ......." وبدأت في شرح المشكلة، راح الواد قالها "على فكرة هو مسألش ايه الحصل؟ هو بيقول صباح الخير" وقالها بنفس النبرة بتاعتي ... وطبعاً كان قصده توصيل رسالتي المخفية وهي "بالراحة شوية" .... ضحكت وشعرت ان مفيش اشتغالات عليه من الآن فصاعداً…

بتتعامل مع باقي أبعاد حياتك أزاي!!!

النهارده مراتي كانت بتراجع واجب ابني فريد واكتشفت أخطاء غير منطقية بحكم معرفتها بقدرات ومستوى الولد، وبعد البحث وراء الأسباب اكتشفت لانه وفي عجلة شديدة من أمره اختار أي إجابة من الخيارات المطروحة دون تفكير. اختار على أمل انها تطلع صح واقلب! وبدأت وصلة من التوبيخ واللوم تلتها وصلة من شرح أهمية ما يهمله مقارنة بتفاهة ما يهتم به، موضحاً الآثار السلبية الراجعة عليه من ذلك الفعل غير المسئول.
وأثناء حديثي معه راودني الفكر ان إحنا كتير بنعمل كده، بنسيب ونهمل حاجات مهمة علشان هيافات، وبنيجي عند المحكات المهمة ونكتشف أننا تعاملنا معها بغاية الاستهتار او بترقية من العشوائية والارتجالية. شوف انت بتهتم ها تأكل ايه وتلبس ايه، قد ايه؟ وبتتعامل مع باقي أبعاد حياتك أزاي!!! نحن نتعامل مع واجب (دورنا) الحياة باختيارات عشوائية غير هادفة. عايز تعرف انت واقف فين مما تريده؟ عد بضع سنوات للخلف وانظر كيف كنت تتمنى ان تكون اليوم وقارنه بواقعك.
*ليست دعوة للإحباط، العكس صحيح…

اسند سُلمك على في المكان الصحيح


صعد الكثير من البشر سلم المجد والشهرة والنجومية وسقطوا من اعلاه منتحرين إذ لم يشبع ذلك فراغ نفوسهم. لم يشبعهم تحقيق الذات، لم يجسم نجاحهم حتى زورق نجاة ليعبروا به فوق أمواج بحر الحياة المظلمة.
آخرون صعدوا سُلم الغنى والثراء الفاحش، فقد كونوا ثروات طائلة بكل السُبل المشروعة واحيانا غير المشروعة. ولا مانع من بعض الأمراض المُصاحبة والناتجة عن اللهث والسعي والضغط لتحقيق حُلمهم المنشود، فبنوا قصورا لم يسكنوها وارصدة لم تتعدى بالنسبة لهم أكثر من رقم ببنط عريض على ورقة تأتيهم في نهاية كل شهر. وانتهى بهم الحال، ولم يتبقى في أعمارهم بقية ليستمتعوا بما كنزوا. تركوها جميعاً لاولادهم الذين دمروا انفسهم في عيش مُسرف وراحوا ضحية ميراث لم يتعبوا فيه. وآخرون ماتوا بحسرة رهيبة لخسارة تعب وشقاء العمر بين ليلة وضُحاها.
وغيرهم تدرجوا سُلم الوظيفة والمركز، عاشوا للإنجاز، عاشوا ليسمعوا المديح من البشر، صعدوه درجة تلو الأخرى في لهثٍ رهيب، وعطش غير مُروى وفي نهاية المطاف سكنوا بيوتهم في اكتئاب شديد ولم يتبقى لهم غير بضع قصص وذكريات مملة يحكونها لك عشرات المرات في كل مرة تُقابلهم فيها.
ركب غيرهم السُلم المستدير، سُلم العائلة، فعاشوا لشريك حياتهم او لاولادهم بشكل مَرَضي وتمركزت وتمحورت حياتهم واحاسيسهم ومشاعرهم وطاقاتهم حول شريك حياة أما هجرهم او اُخِذَ منهم، او حول أولاد سهروا عليهم سنين ليُشبعوا غريزة البنوة فيهم لدرجة انهم لم يستمتعوا بهم في طفولتهم لهثاً وراء تدرج مراحلهم العمرية ليروهم رجلاً او فتيات ناجحات وفي النهاية تأتي افضل نهاية مِرتقبة ومحتومة ان ينفصل الابن او الابنة ليعيش حياته تاركاً أهله محبطين في مسيس الاحتياج له وقد يصل بهم الامر متروكين في احد بيوت المُسنين في انتظار النهاية.
عاش آخرون يتأرجحون ويترنحون على سُلم الشهوات والملذات، ضاربين بكل القيم والمُثل والمعتقدات عرض الحائط، عاشوا في وهم أنهم أحراراً، يفعلون ما يُريدون كيفما ووقتما يريدون ولم يعرفوا أنهم مُستعبدون، مربوطين ومُقيدين بقيود وسلاسل قاسية تحت إدمان الخطيئة وشر الرذيلة. انظر لهم وهم يحصدون او انظر لهم وهم على فراش الموت وسترى بعينك المرار وخيبة الأمل وضياع العمر مصحوباً برعوباً كثيرة من مستقبل مجهول وفاتورة خطية طويلة، ثقيلة ومُذهلة لم تسدد.
صعد آخرون سُلم قد يبدو ارقاهم وهو التدين، اما في مُحاولة لارضاء الله بطريقة من صُنع البشر او عاشوا ليكنزوا معلومات في الذهن يتباهون بها بين الناس تارة ويطوعونها لأغراضهم الدفينة تارة أخرى، عاشوا مُجردين ومختزلين علاقتهم بالله في بعض الطقوس او الفروض او المظاهر دون جوهر الشركة والتواصل مع خالقهم. لم تتأصل المبادئ فيهم ولم تكن التقوة غير صورة جوفاء دون جزور، فتأتي الحياة برياحها وأعاصيرها فتُقتلع الأقنعة ويسقطوا سقوطاً عظيماً في المحكات الحقيقية.
وغيرها الكثير من السلالم المعروفة لنا جميعاً. صديقي هل تعلم اين المشكلة؟ ان المشكلة لا تكمن في ان تكون مشهورا او غني او ذو مركز مرموق، ولا ان تكون ناجح في بيتك ولا حتى بانك تستمتع بغرائزك التي وهبك الله إياها، كما انها ليس مشكلة ان تعرف عن الله طبعاً، ولكن المشكلة تكمن في ان تأخذ هذه الأمور مركز الحياة، انها تُصبح شغلك الشاغل وهدف وجودك. الله قد خلقك لتنجح، خلقك لتكون شخص متميز ومتزن في جوانب الحياة المختلفة، فتصبح كل هذه الأمور بمثابة عناصر تعمل معاً لتحقيق قصده من بقائك على الأرض. لا تفقد عمرك في دوائر مُفرّغة دون جدوى، فاساس الحياة وهدفها موجود عند واهبها، عُد لمن وهبك الحياة واطلب منه ان يُعرّفك سبب وجودك كيف تعيش ناجحاً في نظر الله. وقتها ستنجح في حياتك بكل جوانبها، بدلاً من حروب خاسرة وكروب كاسرة تمرمر الحياة.

حقق هدف وجودك

في أحلام كتيرة بتخسرك واقع حلو... لو فضلت تحلم طول عمرك ها يضيع حلمك وواقعك.. نصيحة: احلم وحقق الحلم... لانه غير كدة هايبقى إسقاط وهروب وها تبقي عامل زي الباب عمال يتحرك لكن واقف في مكانه ومش بيتقدم... مهم تعرف انت عايش ليه؟ ومهم جداً ان وواقعك وايامك واحلامك، وطاقاتك، وقدراتك وافعالك واولوياتك وتصرفاتك وردود افعالك وقراراتك ووقتك وصحتك ومالك وفكرك وقناعاتك وايمانك يكونوا جميعاً بيخدموا الهدف اللي انت عايش ليه. لانه غير كدة انت شخص غير واقعي وهدف حياتك هو بضع شعارات خاوية، هشة، تحاول ارضاء ضميرك او مجتمعك او ثقافتك او عائلتك بها ولكنها بلا قوة ولا جاذبية حقيقية تدفعك ان تعيش لتحقيقها...
حقق هدف وجودك

"الساعة كام معاك دلوقتي؟"

خرجت شوية ولاقيت الواد ابني بيتصل بي وقالي بجدية شديدة "انت عارف انت خرجت الساعة كام؟" فأجبته بين صدمة وذهول وارتباك "نعم؟!" قالي "الساعة كام معاك دلوقتي؟" طبعاً قفّلت المكالمة مُجرداً من كل لباقة او سرعة بديهة مما اتصف بهم دائماً. دا انا كنت باختفي عن بيتنا فترات وأبويا بجلالة قدره لم يسألني هذا السؤال طول عمري. هو ايه الزمن ده؟!

الواد ابني تاني!

نسي كرة السلة عند احد أصحابه منذ عدة أيام، وهو بيموت في الباسكت؛ بيلعبه على روحه وهو نايم… المهم لقيته بيقول لي النهارده "خلاص نجيب واحدة جديدة". قلت له في حزم "نعم؟!" راح قالي "لا، انا بس كنت بشوفك ان كنت صاحي ولا لاء" جريت ورآه في البيت وضحكنا جميعاً بصوت عالي وبكيت انا في صمت… عيال وأجيال

بناتكن تلبسن الفستان الأبيض

لا اقدر ان احصر كم مرة رأيت دموع في عيونكن وانتن تشاهدن بناتكن تلبسن الفستان الأبيض؟ في كل مرة أصور هذه الدموع الغالية التي تملأ العيون يتزامن معها دموع أخرى تنساب خلف الكاميرا. فانا أرى هذه المشاعر الحقيقية تقفز، مشاعر الفرح والنجاح وإتمام المهمة، واتخيل كيف في تلك اللحظات تمر سنين العمر أمام عيونكم! تمر بتعبها، معاناتها ودموعها حتى جاء يوم تحقيق الحلم. ففي كل مرة اسأل الأم "منذ متى تنتظرين ذلك اليوم؟" تأتي إجابة واحدة دائماً "من يوم ما اتولدت" لقد حظيت بسماع قمة عبارات وتعبيرات مشاعر الأمومة في تلك اللحظات أشارككم بواحدة فقط كمثال "لم أتمنى يوماً ان انعم ببصر افضل مثل اليوم يا بنتي" قالتها أم ضعيفة البصر يوم فرح ابنتها.

الواد ابني!

- الواد محسسني انه مُستعبد.. لاقيته بيقولي "أنا نفسي في روبوت يعمل الطلبات اللي بتطلبوها مني!" قلت له "اهو جاتلك أخت تساعدك." قالي "تساعدني؟ لا تشيل بقى!" الأفندي فاكر نفسه طالع معاش!! عيل بايظ..
- مرة كان قاعد وشايفني عمال انيم أخته ونامت بعد عناء وفجأة صحيت وعيطت لقيته بصلي في هدوء وقالي "البس!! أنا داخل أنام" عيال بايظة...
- مرة قاعدين عمالين نتخانق انا وهو مين يشيلها ويلعبها راح بص لامه وقالها "ماتجيبي واحدة تاني؟" سمعت بعدها زعيق وحاجات بتتكسر…

تعديل بسيط

وحدة صديقة بتقول لي "المرحلة دي جميلة، العيال بتآكل وتغير وتنام" فجاوبتها "العيال بتآكل واحنا البنغير وماحدش بينام" تعديل بسيط

عربي مراتي…


على الرغم من استعانتي بها كثيراً في الإملاء إلا أنني اعرف جيداً انها تعاني من مشكلة متأصلة في التفاصيل الصغيرة وخصوصاً النقاط. فان طلبت منها كتابة شئ فلن تُفرّق بين الهاء في نهاية الكلمة والتاء المربوطة، كذلك الياء والالف اللينة فهي تقرر إذا كانت ستضع النقاط او لا بناء على حالتها المزاجية او إحساسها المرهف في زخرفة ما تكتب، ولكن ليس لأسباب لغوية أبداً. المهم أخذتها في جولة سريعة لشرح كيف تكتب الياء في آخر الكلمة وكيف تكتب الألف اللينة؛ قدمت أمثلة كثيرة للحالتين وبدأت اسألها لأعرف إذا كانت استوعبت ما أقول، وإذ بها تقول "آه دي الياء المنقّطة صح؟" فصرخت "لا دي الياء المخططة" وعرفت أني الدرس متقدم جداً بالنسبة لمستوى التلميذ! فضحك الجميع ومات المدرس "منقوط"
عندما تصل مراوغة الابن ان يُقشر قشرة لجرح قديم ليُخرج دماً ويمسحه في مكان اخر ليوهمني بانه مجروج جرح جديد ماذا افعل؟! أريد جواب وتعليق غير الزرع والحصاد..

دي كتشينة مش كورة…

الكورة فيها فريقين بس ولاكن الكوتشينة بيبقى فيها كتير، ولما تكون اللعبة جديدة عليك يقلولك تتفرج اول دور وبعد كدة العب. واحنا كلنا اتفرجنا اول دور علشان ماكنّاش فاهمين اللعبة، مش بس ماكنّاش فاهمين لا إحنا اتلعب بينا صلح امركاني. لكن دلوقتي هل لسة في حد مش فاهم؟ ولو كنت فاكر انها فريقين الحاضر ابلغ بيان ان الأطراف كثيرة وفي بعض الأحيان متوازية وفي الأحيان الأخرى متعامدة ولكنها غير متوحدة على أي حال، والأكثر عددا وصاحب المصلحة العليا هو الأقل حيلة… فاهم حاجة؟ إذا لا ارجع أقراء تاني بالراحة وهاتفهم. اذا فكرت لحظات ستكتشف مع الاسف اننا نعيش في سلة مهملات كبيرة مازالت تتوالى عليها القاذورات من كل ناحية. لكن الأمل موجود للبيدور عليه. انا بطلت علشان عندي رجاء ثمين يقين في اله أمين متين.

"من البطن سُميت عاصياً"

من كتر حبي للدراسة كنت بحب أروح المدرسة كل يوم؛ ده طبعاً كذب، لازم تنوع الأسباب والطرق علشان موضوع الغياب المفرط يعدي… بجد أبويا ده تعب معايا كتير، المهم انا في اول سنتين كنت باروح بباص المدرسة، كنت بنتظر الباص حتى أراه قادم من بعيد ثم اصعد لابي وأقول له الباص مجاش، وطبعاً ما بين دقي جرس الباب وزمارة الأوتوبيس كان يقف أبي حائرا فيمشي الأوتوبيس وأخد كلمتين ويبقى اليوم اجازة وعند تكرار الموقف كان الراجل بيضطر انه ينزل يوصلني المدرسة وبتكون الحصة الاولى عدت.. مايضرش.. في أوقات كتير بتحتاج تجهز للغياب من اليوم اللى قبله… فمثلاً من اول ما تدخل البيت او وانت في العربية تبتدي تشتكي من أعراض البرد مثلاً، وتستمر في حقن ذهن الأهل بالموضوع شيئا فشيئا مع رسم علامات شحوب وعبوثة الوجه وتعب الجسم ومفيش مانع انك تحرم نفسك من حاجة بتحبها في سبيل إظهار عدم قدرتك من شدة الإعياء. في أحيان كثيرة قد يصل بك الأمر ان اهلك يطلبوا منك البقاء بالمنزل حتى تمثل للشفاء… وطبعا كده بيكونوا وفروا على نفسهم وعليك خطوات اكتر من الأفلام زي ميزان الحرارة في الشاي الصبح والخنفان وكعبشة شوية مناديل جانبك وغيرها من الحركات اللي ما احبش افتح عنيكم عليها، مرورا بجوابات الأنذار بالرفد واستدعاء ولي الأمر وصولاً برشوة مشرف الدور في ثانوية عامة لمحو الغياب. الكتاب المقدس قال "من البطن سُميت عاصياً" بس كمان نعمة ربنا بتغير…

البنطلون..

بنطلون المدرسة كان مشكلة، لحد دلوقتي مش عارف العيب فين؟! فيا ولا في الخامة ولا في المدرسة ولا ايه؟!! عمره ما بيكمّل أسبوع، إما يتقطع من الديسك اللي في اغلب الاحيان مكسور او مفكوك بسببنا او يتقطع من الوقعات أثناء اللعب او يتقطع من الحتة اللي لازم تربطلها البلوفر على وسطك علشان تكمل اليوم... وطبعا لازم تاخد الطريحة التمام اول ما توصل البيت… المهم المرة دي البنطلون اتقطع في اول لبسة له، وشعرت بالمسئولية وقلت لازم أصلحه… الكلام ده كان في تلتة او رابعة ابتدائي مثلاً. طبعاً دخلت البيت في غفلة من الأهل والزمن، وجبت خيط وإبرة علشان اخلص الموضوع، وبدأت الضم الإبرة في البكرة بكل ثقة وبدأت اخيط البنطلون وأنا لابسه، في تلك الأثناء طُلب مني النزول للشارع بسرعة لسبب ما، وطبعاً نزلت زي مانا، وإذ بالسعادة الغامرة والضحكة الواسعة لكل من يراني! اكتشفت بعدها ان بكرة خيط الكانافا الأخضر وإبرة التنجيد الأشبه بالسلاح الأبيض المعلقتين عند ركبة بنطلون المدرسة الرمادي قد شهيصا انتباه جميع المارة… اليوم ده كانت السخرية هي العقاب.
مش دائماً حلولنا بتنفع، مش لازم ثقتنا في قدراتنا بتحسم المشكلة، وكمان المثابرة والاصرار مش لازم يتوجا بالنجاح… ان ادراكنا المحدود يقف حاجزاً وعاجزاً في كثير من المشكلات. القصة دي بتفكرني بآدم لما حاول يحل مشكلة الخطية بنفسه… ربنا عنده حلول حقيقية، واحنا كتير بنجري ورى حلولنا اللي بتطلع في الآخر ورق تين متخيّط؛ ينشف ويقع ونتكشف وتتكشف الحقيقة. ربنا عنده حلول حقيقة لمشاكلنا، متحاولش تكون كويس بمجهودك لان ربنا عنده ستر للخطايا والذنوب والعيوب.

من المسلسل "ناقر ونقير" بيني وبين مراتي:

من المسلسل "ناقر ونقير" بيني وبين مراتي:
مرة بتقولي انت كان لازم تتجوز جوازة الأول علشان تقدر النعمة اللي انت فيها… قلت لها مش يمكن دي تكون الجوازة الاولنية علشان اقدّر الجوازة الجاية؟! فضحك الممثلون ومات المشاهدون!!
كل سنة وانت طيبة يا طيبة... اليوم عيد ميلادها...

"صايع"

بسأل ابني إنت جيت تنام جنبي ليه؟ قالي أنا جيت الصبح… قلت له انا مسألتكش انت جيت امتى انا سألتك جيت ليه؟ قاللي انت هتعد تديني في أسئلة؟ سكت وقلت جوايا "صايع"
لماذ نُصلّي بثقة اكبر عندما يكون الطب في صفنا؟ ولماذا تهتز ثقتنا وتتغير تعبيراتنا عندما يعجز الطب؟ اليست هي مشيئة الله هي اساس طلباتنا؟ أم أننا نصلي كي ما يحقق الله رغباتنا الشخصية بغض النظر عن خطته؟! يا رب زد إدراكنا وزد أيماننا.. فأنت تعرف ضعف نفسي كم يكون..

"نفسك في ولد ولا بنت؟"

في كل مرة تُسأل زوجتي "نفسك في ولد ولا بنت؟" كانت تقول "أي حاجة".. وأنا اعلم تماماً أنها هتموت على بنت بس خوفها أنها تطلع شبهي كان يقتل لهثتها على البنات، وبعد كل سؤال اشرح تخوفها للسأل -ضاحكاً- فكانت تستنكر وتقول "لا انا مش قصدي انت، أنا بس خايفة تطلع مش حلوة.."
المهم اليوم كانت تتكلم معي على ابننا وتوصفه بالاستنساخ مني في كل شئ، وقالت "نفسي يبقى لي دور والبنت الجاية دي تطلع لي بقى" فضحكت وقلت لها خايفة تطلع شبهي؟" قالت: -وتعبيرات المجاملة تتزاحم خلف ملامحها- "لا طبعاً بس حد زيي وحد زيك"، فقلت لها "فلان وفلانة لهم ابن وبنت والاثنان استنساخ الأب…" فصرخت بتلقائية شديدة "يا نهار اسود!!" تفتكروا أنا المفروض افهم إيه؟؟
مهم انك تفهم زوجتك وتحبها والاهم انك تتمني معها أن ربنا مايدكش بنت شبهك... خصوصا لو كانت الخلقة مماثلة فهذا يحافظ على الترابط الأسري ويزيل الكثير من الصعاب :-) احلم وأتمنى وأصلي أن يكرمنا الله ببنت تشبه مراتي في كل شئ عدى أسس اختيارها لشريك الحياة…

باب الشقة

خرجت من البيت انا وابني ومراتي طبعاً كانت اخر من يخرج، فكم من ذكريات لي انا وفريد ابني اثناء فترات انتظارنا لها. المهم خرجت أخيراً واغلقت الباب ثم صرخت في مفتاح في الباب من جوة… وفي ثانية واحدة اكتشفنا ان البضع سانتي مترات التي بيننا وبين البيت أصبحت اميالاً... جميعنا بالخارج والمفاتيح في أيدينا ولكن بلا نفع… وبدأنا التفكير في الحلول، وأنا أردد كلمة واحدة "يجب أن نكسر الباب.. يجب أن نكسر الباب" فريد ابننا طلب منا أن نصلي ليرشدنا الله لما نعمل والحق يقال أنني شعرت بإحراج شديد لفطرية الولد في اللجوء لله في حل المشاكل، الأمر الذي لم يخطر ببالي لحظتها… ولكم الحل الذي وهبه الله له استجابة لإيمانه: قال "نطلب المطافئ فهم عندعم سلالم طويلة يمكن بها أن يدخلوا للبيت ويفتحوا الباب". وقلت له "ممكن بس دي مش شغلتهم" وفي لحظات قلت له "برافو يا ولد، ممكن نستعين بأحد شركات رفع الأثاث ليدخل احد عمالها من البلكونة ويفتح الباب فهم عندهم نفس السلالم الطويلة" … واتصلت ببعضها ولكن كل المعدات مشغولة… فأخذت الخيط من الطفل وبدأت افكر في كيف ندخل البيت من غير كسر الباب، والهمني الله بالاستعانة بسباك فربط حبل ونزل من السطح (بعد فتحه) ليدخل البيت ويفتح الباب…
اعطي فرصة لابنك في إبداء رأيه وثق انه قادر على الوصول لأفكار فعالة وحلول حقيقية، شجعه مهما كانت أفكاره ساذجة أو فاشلة فإبداعاته كطفل لم تتصلب بعد فلا تقتلها بيدك. سيصل إلى أفكار قد تكون غاية في الجنون ولكن في طياتها ستجد عبقرية شديدة… نعم أنه الجانب السلبي للخبرة؛ فكل خبرة مكتسبة إذا وقفت عندها ستجعلك تعتاد طرق بعينها في حل المشاكل فتتحول افكارك الى ردود افعال أوتوماتيكية ميكانيكية تفتقر إلى التجديد والإبداع… فانا فكرت ان دخول البيت يجب ان يكون من الباب ولكنه فكر خارج الصندوق.

كيك مراتي..

مهارة مراتي مشهود لها في الطهي وقدرتها مذهلة في الافتكاس وسرعة الإنجاز، كثيراً ما تفاجأ بزوار، إما لضعف ذاكرتي أو لقراراتي السريعة ولكن في خلال دقائق قليلة تجد نفسك أمام عزومة محترمة؛ فعلاً عندها قدرة غريبة في تخيل أصناف واختراعات لطيفة وشهية. ولكن كما ان لكل قاعدة شواذ، ولكل جواد كبوة، ولكل صاحٍ غفوة فلمراتي هفوة؛ المشكلة أنها لا تتقن عمل الكيك (على الاقل في رأيي) ولكن المشكلة لا تقف هنا، فهي شخصية تتمتع بإصرار رهيب يصل إلى العند للوصول لما تريد وهذه هي المشكلة الثانية، فتصميمها هذا جعل مني فأر تجارب لمحاولات لا تنتهي عبر السنين جالت كل أنواع الكيك وحوادثه، فأما أنها هبطت لتصبح أشبه برغيف العيش أو تفحمت كي ما ينضج قلبها، أو أنها تسقيها بسوائل فتشعر بانك تأكل اكل الدجاج الشهي! أو أنها تغطيها وتزينها بخامات مختلفة فتكون منظرها لا يتمشى مع جوهرها.
وطبعاً مجاملات ضيوفنا التي نتميز بها كشرقيين تزيد كل من اقتناعها بانها تتقن الكيك وتفاقم المشكلة. وما بين مبدأ وجع البطن ولا كب الطبيخ ومبدأ الحب الذي يتخطى الصعاب تجدني قد أكلت كل ما عملت بغض النظر عن شكل ومضمون المنتج النهائي ونتائجه على امعائي. وعلى الرغم من تعبيري الصريح وتاكيدي الواضح ان الكيك لا يقع في دائرة إبداعها وعلى الرغم من مشغولياتها وأعمالها والتزاماتها الكثيرة إلا أنها تعود لتحاول مرة ومرات بلا كلل ولا ملل ولا شعور بالفشل… تفتكروا اعمل إيه؟
وتبقى بعض المشكلات تواجهنا في الحياة دون الوصول لحل، فتجد نفسك تجول في دائرة مفرغة غير قابلة للكسر، وهنا يجب ان تتعايش مع المشكلة، فانا لا أتكلم عن هذا المثل الساخر ولكن في واقع حياتك قد تجد مشاكل حقيقية ليس لها حل وهنا وقت إخراج طاقاتك الجبارة التي وهبها لك الله في تحجيم تأثير المشكلة على باقي جوانب حياتك بدلاً من ان تتحطم حياتنا ونفقد سني العمر معطلين وعاجزين بسبب مشكلة أو إعاقة أو حتى كارثة وقعت في مرحلة من مراحل حياتنا… تشربوا شاي عندنا؟ داحنا عندنا كيك ممتاز جداً…

افرح باولادك.

رحت مدرسة ابني للقاء أولياء الأمور بالمدرسين، أسخف وأثقل شئ كان على قلبي أثناء ما كنت طالب. فدائما ما كان يتبع هذا اللقاء قفش وتوبيخ وتأديب ولوم ووجع قلب… انا من يومي مليش في المدارس، فبعد اول يوم مدارس رجعت لابويا قائلاً "مبلاش موضوع المدارس ده يا بابا" وقتها كنت ٤ سنوات. وكانت الفاجعة عندما أتت مراتي لتوقظ ابني في ثاني يوم مدرسة وقال لها "هو كل يوم؟!" صرخت وقلت "ابنييي". اثناء انتظاري للمقابلة تذكرت وأنا في ساتة ابتدائي جري مدرس ورا أبويا في الشارع وقال له ابنك ذكي جداً لكن ميال للانحراف… الله يباركله مطرح مهو موجود… في اليوم ده الشمس غابت الساعة ٣ الظهر.
ربنا كرمني والولد مطلعش زيي بالضبط فقابلت المدرس وبداء وابل من المدح كاد يشككني ان الولد استبدل في المستشفى بعد الولادة… فريد على قمة قرّاء الفصل، ابنك موهوب ومميز، انا مش محتاج منه أي حاجة اكتر من كده أكاديمياً، في الرياضيات ابنك اول واحد عيني بتقع عليه بعد شرح الفكرة لأني واثق انه اول من سيفهمها، هو الوحيد اللي جاب النمرة النهائية في الامتحان. وغيرها من الصفات والمواصفات المنشودة بالنسبة لاغلب الأهل. مع العلم أني بقول لابني انا مش عايزك تطلع الأول، انا مش عايزك تبقى اشطر ولد، وأيا كانت درجاته بساله سؤال واحد، "دي أحسن حاجة تقدر تعملها؟" هو ده المهم، وبقعد احارب علشان يذاكر اقل… بيذاكر ساعة ونصف وآخره ساعتين في اليوم ولا مذاكرة من الخميس للسبت. انا بأقول دائماً "شخصية متزنة في كل جوانب أحسن من عالم فاشل في باقي جوانب الحياة" اتذكر حاجة تاني قلتها "ليه تذاكر اكتر لما ممكن تذاكر اقل؟" فانا دخلت الكلية اللي عايزها بفارق تلت في المائة. المهم قاطعت المدرس قائلاً قل لي عن الأخلاق والالتزام فقال "هو كويس بس طبعاً شقي" فقلت في نفسي "طب الحمد لله في أمل" وبداء المدرس يستعرض شغل وكراسات الولد وتذكرت كراساتي بتاعة الواجب… آه دي كانت مشكلة، اول درس محلول وبعد كده ابيض، ولو جيت أحل الواجبات هيبقى في فجوة لا تقل عن ١٠ دروس مش موجودين، فبالتالي كان العقاب هو الحل الوحيد. وعندما اسمع ان الكراسات اتملت والعيال ابتدت تجيب كراسات جديدة كنت أجيب على ان الأولى اتملت، وهكذا.
الدروس المستفاد بقي: لا تدفع ابنك للمذاكرة بالإجبار، لا تشعره ان المذاكرة هي اهم شئ في الحياة، لا تربط قيمته وتقدمه ونموه بالدراسة، اعرف قدرات ابنك ولا تطلب منه أكثر منها. لا تقارنه بأي طالب آخر أكثر تفوقاً، فقد يكون ذلك دافعاً لمزيد من الإحباط واللامبالاة. ادخل المرح لساعات المذاكرة، لا تتكلم سلباً على المدارس والمذاكرة أمامه؛ مثل الهم والغلب ووجع القلب او يا أخيراً بكرة إجازة او يا خسارة الإجازة خلصت وغيرها من العبارات والتعبيرات التي تعبر عن ثقل وبغضة الموضوع بالنسبة لك. لا تقل له انك كنت اشطر ولد في الفصل، فباقي أهل أقرانه يقولون نفس الكلمة، والتي اصبح مفادها انك بتكذب، وان كنت الأول فعلاً فحدد له نقاط قوتك ولا تتوقف عند هذا بل افصح عن نقاط ضعفك أيضاً؛ فهو ليس ابن سوبرمان؛ يجب ان يعرف ابنك انك غير كامل فهذا له تأثير إيجابي على شعوره عندما يفشل في شئ انه ليس فاشلاً كلياً، كذلك عندما يتفوق في شئ يعرف انه لم يتفوق في كل جوانب الحياة. عندما تجده غير قابل للاستيعاب او التركيز توقف عن المذاكرة فوراً، فالضغط أثناء تلك الأوقات له تأثير سلبي رهيب، فغداً عندما يأتي لنفس الدرس سيتذكر شئ واحد؛ هذا الدرس لا ولن افهمه، وسيتسبب له في عقدة بغيضة قد تكرّهه في مادة بمجملها. اعرف مفتاح ابنك، فكل طفل له شئ ما يشجعه او يحفزه، قد يكون دافع معنوي مثل شعوره برضاك عنه علمياّ، او دافع مادي ملموس مثل هدية او أي شئ آخر يعجبه ولا يضره. او قد يكون الدافع سلبي، مثل "ما لم تنتهي من حل الواجب خلال ٣٠ دقيقة لن تكمله وستذهب للمدرسة بدونه ولك الاختيار"
افرح باولادك، استمتع بهم وأعطهم الفرصة ان يستمتعوا بك، قيل "ابني ابنك ولا تبني لابنك"، فانت اليوم تصنع وتشكل في شخصية وكيان رجل او امراءة للغد. أحفر فيه ذكريات طفولة حلوة، قدم له وقتاً قبل ان تقدم له مالاً، قدم له حباً قبل ان تقدم له هدية، قدم له فكراً او اقتراحاً بدل ان تقدم له حلاً. احترم عقله وفكره وأعطه مساحة للتعبير… افرح باولادك.

"أنا" نمت في سرير أطفال يا جدعان!!

ربنا دايما ومن زمان موسعها عليا في كل حاجة ومن ضمن الحاجات دي الطول؛ فانا ١٩٣سم وساعات ببقى اطول كمان. المهم سافرت لواجب عائلي وفي الحقيقة ان أقاربي قد اكرموني جداً في كل شئ وجاء وقت النوم وشاوروا لي على المكان الذي سانام فيه وإذ بي أفاجأ بان السرير طوله مش مكفي!، حاولت كل المحاولات، حاولت ان أنام على وتر السرير مرة وعلقت أرجلي على ظهره مرة، أخرجتهما خارج السرير فترة وحاولت ثنيهما فترة، ثم انتفضت وقلت مستحيل دا أكيد سرير أطفال ونظرت له باندهاش وقلت لنفسي هو انا طولت ولا إيه؟ هل مازلت في مرحلة النمو؟ ثم عدت للسرير وحاولت قياسه لأعرف اين المشكلة!! وبعثت لزوجتي رسالة "زوجك نائم في سرير أطفال" وطبعاً لم تتوقف المشكلة في طول السرير ولكن تلقائيا كان حال الغطاء وبعض الأشياء… المهم جاء الصباح متاخراْ متمهلا كثيرًا يومها وكانت اول كلمة لأول شخص قابلته "هو السرير ده طبيعي؟" واكتشفت انه سرير طبيعي بالنسبة للناس الطبيعية وتذكرت ان سريري في البيت مصنّع بمواصفات خاصة فطوله ٢١٠سم وبلا نهاية خشبية تحسباً لأي تغيرات تطراء مع الزمن! واختبرت المثل "على قد سريرك (لحافك) مد رجليك"

طفل مش سهل

خارج من البيت وهو يريد ان يأتي معي، قلت له "اسأل ماما" فقالت "انت بتتأخر وعندك مدرسة" لم تحمل الاجابة الموافقة ولا الرفض وان كانت اقرب للأخير، المهم سكت الولد نصف دقيقة وسأل امه أثناء انشغالها بما تعمل "البس إيه؟" فأجابت "البس كذا وكذا" فنظرت انا اليه وضحكت بصوت عال وقلت له "فريد قل لي لماذا اضحك؟" فقال "أنا عارف"، فقلت له قول فقال "علشان أنا دخلت في موضوع اللبس على طول" فنظرت للام وقلت "صباح الخير!" الواد ده لو اتساب مع الأم دي ممكن يبيعها اللي وراها واللي قدامها بكل هدوء… احذر من هذه المخلوقات الصغيرة التي يخطئ الكثير عند تسميتها "ملائكة"

الصبر مفتاح الحامل

تخيلي انك حرانة ومش طايقة الحر، رحتي شغلتي التكييف واستلقيت وبدأتي تستمتع بالهواء البارد ودخل زوجك الغرفة ليكتشف ان التكييف شغال على السخن وحرارة الحجرة بترتفع وانتي مستمتعة جداً بالهواء البارد على الرغم من سخونته وبداتي في المقاوحة والاصرار انه بارد ثم تكتشفي غلطك فقط من النظر لشاشة الريموت كونترول فأعلمني انك سيدة حامل في بنت… زوجتي العزيزة أسف على الفضايح بس مش قادر امسك نفسي اكتر من كدة :-) عزيزي زوج الحامل لا تقلق فإنها ستعود لعقلها قريبا… الصبر مفتاح الحامل

عربي مراتي…

على الرغم من استعانتي بها كثيراً في الإملاء إلا أنني اعرف جيداً انها تعاني من مشكلة متأصلة في التفاصيل الصغيرة وخصوصاً النقاط. فان طلبت منها كتابة شئ فلن تُفرّق بين الهاء في نهاية الكلمة والتاء المربوطة، كذلك الياء والالف اللينة فهي تقرر إذا كانت ستضع النقاط او لا بناء على حالتها المزاجية او إحساسها المرهف في زخرفة ما تكتب، ولكن ليس لأسباب لغوية أبداً. المهم أخذتها في جولة سريعة لشرح كيف تكتب الياء في آخر الكلمة وكيف تكتب الألف اللينة؛ قدمت أمثلة كثيرة للحالتين وبدأت اسألها لأعرف إذا كانت استوعبت ما أقول، وإذ بها تقول "آه دي الياء المنقّطة صح؟" فصرخت "لا دي الياء المخططة" وعرفت أني الدرس متقدم جداً بالنسبة لمستوى التلميذ! فضحك الجميع ومات المدرس "منقوط"

١٢ مارس ٢٠١٢ - لوس انچلوس

إذا غابت الشمس

هل هناك فرق بين أن تُظلم الشمس وبين أن تغيب الشمس؟ إن الشمس أظلمت مرة واحدة عندما مات صخر الدهور ليحيينا من القبور. لكنها تغيب، وفي غيابها من جانب من جوانب الحياة قد تشرق في الجانب الآخر، ولا غروب إلا لأنها ستُشرق. قد تغيب عنا لكنه إلى حين، فمن المؤكد أنه بعد الليل لابد من النهار، فلا ليل يستمر أبداً وكلما اشتد الليل كلما قرُبَ بزوغ الفجر، كذلك فكلما طال الليل كلما قرُبَ النهار. قد تشعر أحياناً أنها النهاية وليس نجاة، لا رجاء ولا ملاذ، لكن إعلم أن الشمس لم تُظلم لكنها فقط غابت، إن غياب الشمس لا يعني أنها انتهت أو فُقِدت، ومهما طال الليل لكن شروق الشمس له ميعاد محدد لا يتأخر ولا يسرع. 

قد تضغطك الحياة أو تعصرك التجارب، تشملك خيبة الأمل أو تحصرك الظروف، قد تحرقك النار دون أن تري نورها، قد يغمرك الإحتياج أو يجتاحك الفشل، قد يشملك الإحساس بفقد القيمة والهدف ومعنى الحياة أحياناً وتشعر أنها النهاية أو نهاية النهاية لكنها ليست كذلك فإنها ليست الحياة ولا التجارب ولا الآمال ولا الظروف ولا النار ولا النور ولا الإحتياج ولا الفشل ولا القيمة ولا والهدف ولا معنى الحياة ولا غيرهم من العوامل هي نهاية المطاف أو الهدف في ذاته بل إعلم وثق يقيناً أننا لا نعرف الليل إلا إذا غابت الشمس ومن هنا أقول لك أن الظلمة إنما هي غياب النور، والنور لقادم لحياتك لا محال فالله وحده هو المسيطر والمتحكم في كل الأمور فهو الشمس التي تقشع الغيوم وتنير الظلام، إنه هو الذي سمح بذالك وليس أن الظلام قد قهر النور، إن عمله فينا تتباين صوره وتختلف طرقه لكنها كلها لخيرنا علي طوال الخط، مهما كان رد فعلنا لتلك الأحداث إلا أن الشمس ستشرق، فإذا تفهمنا وتجاوبنا بإيمان لمعاملات الله فسنأخذ الجعالة وستشرق الشمس وإن لم نتجاوب فستشرق الشمس لكننا سنخسر الجعالة. 

وعلى أية حال وإذا إعتبرنا أن حياتنا هنا ليل فلابد من إشراقة كوكب الصبح المنير، وإن كانت الدنيا تنام أثناء ذلك الليل نوم السبات العميق دون حساب دون إعتبار لاهيةً تعبث بالخطاة وتطوح بهم في سكر ونجاسة وشر مُعدة إياهم لمصيرهم الأبدي التعيس فعلينا نحن المؤمنين أن نسهر وإن كنا لا نعلم متي يجئ إلا أننا موقنون ومترقبون منتظرون واثقون فرحون ناظرون هذا اللقاء الذي طال إنتظاره وأوشك قدومه. إن السهر يجب أن يكون سهر العين والذهن والأذن سهر العمل والخدمة والقوة، سهر الصبر والنصرة والغلبة، سهر البحث المستمر عن الخطاة وتوصيل رسالة الخلاص لهم مُنذرين من الخطر القادم عليهم، تاعبين في محبة حقيقية للذي مات عنا. فسهرنا هذا كثيراً ما نأخذه مأخذ الهزر والسمر والتسلية والناس حولنا تتساقط ذاهبة إلي مصير مرعب وبقدر إيماننا ويقيننا بهذا الصبح القادم بقدر ما ستعكس حياتنا حياة السهر الصحيحة، حياة الصحو والإنتظار والرجاء. سهر الإكرام للذي ننتظره الذي له المجد إلى الأبد، أمين.. 

كيف لا تموت؟

ماتت جدتي لامي عن عمر ناهز ال ٩٢ عام، مات جدي لابي في عامه ال ٨٨، مات جدي لامي في الستينات من عمره، كما ماتت جدتي حين كان أبي في الثانية والنصف من عمره، ماتت ابنة عمي في أوائل الثلاثينات بمشاكل في القلب، مات عمي وخالي بالسرطان، مات ابن عمي بسكتة قلبية وهو في اوائل الاربعينات، مات ابن خالي اقل من ١٨ سنة بأيام في حادث سيارة، سقط زوج شقيقتي في ال ٤٢ وهو يجري، مات صديق وهو في ال ٣٠ بعد دور سخونة، لم يستيقظ ابن خال آخر وهو طفل عامان، مات حمايا بعد رحلة قلب في أوائل الأربعينات من عمرة، ماتت فتاة في ال ٢٤غرقاً أثناء الاستحمام، مات اخر اعرفه عندما سقط من شرفة بيته بالدور السابع، مات مثل وقدوة متفحماً في ال ٢٤ وعُرف من كسر في سنته، مات ابن عمي في الخمسينات بعد صراع ١٨ سنة مع الأمراض، ماتت عروس بعد زفافها بساعات في حادث مُريع، مات صديق ٢٩ عام بورم في المخ، وإذا نظرت حولك قد تجد قائمة أطول، افتح صفحات الجرائد إذا لم تصدقني، هل وصلتك الحقيقة؟
ولكن دعني اقول ان ابي وامي واخوتي وزوجتي وانا و٧٠٪ ممن اعرفهم سنموت جميعاً خلال العقود القليلة القادمة. قد تكون تلك الحقيقة من الحقائق القليلة المؤكدة، وان كنا لا نجهلها لكننا كثيراً ما نتجاهلها؛ في كل عيد ميلاد تقول لصاحبه "عقبال ١٠٠ سنة" مَن مِن تعرفهم أكمل المائة سنة؟ مجرد تمنيات فارغة او محاولة لإبعاد او استبعاد الحقيقة، وخذ من اشباه تلك الكلمات "ربنا يطول عمرك" و"ربنا يخليك لينا" و"البقية في حياتك" و"آخر الأحزان" و"لا يريك الله مكروه في عزيز لديك" وغيرها من أطنان الكلمات التي إذا نظرت بتدقيق قد تستهيفها، فجميعها جوفاء لا قيمة ولا مضمون ولا تأثير لها في الواقع. هل وصلتك الحقيقية؟
قل لي في ماذا تقضي حياتك؟ فيما تفكر؟ هل تفكر في مستقبل أولادك؟ هل تقضي حياتك في تحقيق ثروة؟ هل تُصنف نفسك من الناس التي تفكر كثيراً وتخطط؟ هل ترى نفسك شخص عندك خبرة في الحياة العملية؟ هل تعتبر نفسك شخص واقعي؟ ايا كانت اجابتك فارجوك أجب عن السؤال التالي بشِقَيه من فضلك.. اين يوجد الآن كل من ماتوا؟ وأين هم من كل ما عاشوا لتحقيقه؟
اعرف ان موضوع اليوم سخيف وثقيل ولكنه حقيقة. قف اليوم وفكر متى سيحدث ذلك معك؟ لن أقول لك بعد الشر، او باقي كلمات المجاملة، واجه نفسك، قف اليوم واغتم وأحزن واكتأب واقلق وعول الهم وفكر وتفكر… فاليوم لك فرصة ان تجتاز الموت فهو لن يجتازك، فانه قادم قادم، ولكنه سيصبح بالنسبة لك قنبلة مُبطلة المفعول إذا ضمنت ما بعد الموت. أغمض عينك الآن واطلب من الله ان ينير عينك وقلبك وفكرك فتعرف الطريق الوحيد الذي بلا شك ولا جدال او احتمالات يضمن لك ابديتك التي لا تنتهي بعد الموت، فوقتها لن يكون الموت موت بل بوابة لفرح لا ينتهي.

انت واقف فين؟

النهارده مراتي كانت بتراجع واجب ابني فريد واكتشفت أخطاء غير منطقية بحكم معرفتها بقدرات ومستوى الولد، وبعد البحث وراء الأسباب اكتشفت لانه وفي عجلة شديدة من أمره اختار أي إجابة من الخيارات المطروحة دون تفكير. بالإضافة انه أجاب أسئلة لدرس لم يُشرح له أصلاً. اختار على أمل انها تطلع صح واقلب! وبدأت وصلة من التوبيخ واللوم تلتها وصلة من شرح أهمية ما يهمله مقارنة بتفاهة ما يهتم به، موضحاً الآثار السلبية الراجعة عليه من ذلك الفعل غير المسئول.
وأثناء حديثي معه راودني الفكر ان إحنا كتير بنعمل كده، بنسيب ونهمل حاجات مهمة علشان هيافات، وبنيجي عند المحكات المهمة ونكتشف أننا تعاملنا معها بغاية الاستهتار او بترقية من العشوائية والارتجالية. شوف انت بتهتم ها تأكل ايه وتلبس ايه، قد ايه؟ وبتتعامل مع باقي أبعاد حياتك أزاي!!! نحن نتعامل مع واجب (دورنا) الحياة باختيارات عشوائية غير هادفة. عايز تعرف انت واقف فين مما تريده؟ عد بضع سنوات للخلف وانظر كيف كنت تتمنى ان تكون اليوم وقارنه بواقعك.
*ليست دعوة للإحباط، العكس صحيح…

ثقة مش منطقية

حاجة حلوة ان ابنك يحس فيك بثقة شديدة ولكن حاجة وحشة انه يكون واثق فيك ثقة مش منطقية…
كثيرا ما يفرق معه وجودي حتى لو لم يكن في يدي شئ لأفعاله، فقد أصر ان اكون معه حتى ينام قبل عملية جراحية، كما انه صرخ بكل قوة قبل ان يفيق بعدها طالبا وجودي…
ابني مسافر والنور قطع، شئ طبيعي يعني - فطلب من احد المسؤولين عنه ان يكلمني كي ما أعيد النور المقطوع!! هو يثق أني سأتعامل مع الموضوع، يثق بان أبوه هو العصا السحرية على الرغم انني في كثير من الاحيان اقصد ان اكشف له انني لا اعلم كل شئ وان هناك الكثير من الاشياء تقع خارج محيط تصرفي… ولكن في حقيقة الامر انه إيمان الاطفال الذي لا يشوبه العقل او المنطق او الواقع او الأحداث او الإمكانيات اوالموانع او النظور او الظروف او الحدود او العجز او القصور… هذا النوع من الثقة هو عينه الذي نحتاجه في تعاملنا مع الله… وهناك سيكون في محلة بل سيجد صدى حقيقي من اله قادر ومسيطر، قوي وعالي، في يده ليس فقط ان يعيد النور المقطوع بل قلوب الملوك في يده كجداول مياه. ولكن اعلم ان عقلك ومنطقك، اهلك وأصدقائك، اقرانك ومن حولك قد يسخرون او يضحكون مثلما ضحكت عندما تخيل الولد باني قادر على إرجاع الكهرباء في محافظة اخرى عندما تتعامل مع الله بكل هذا الايمان فلا تتراجع ولا تلتفت لهم فإنها أسمى واثمن شئ يفعله الانسان..
القاهرة في يوليو ٢٠١٢

زود البصل شوية


رجع الولد من المدرسة ورفض تناول الغذاء، ثم ذهب لتدريب الكرة وهو على وعد بان نأتي له بكشري بعد التدريب.. وقفنا أمام المحل ومن منطلق بناء خبراته قلت له انزل اشتري ما تريد، قال "أنا معرفش" وأمه قالت "أزاي ينزل لوحده" وأنا اصريت، المهم نزل اختفى وسط الزحام طولاً وعرضاً ليصل للراجل بعد دفع النقود واختيار الحجم، بعد دقائق عاد للسيارة حاملاً أكله وملامح الإنجاز قد غيرت ملامح وجهه. أغلق الباب قائلاً "قلت للراجل زود البصل شوية" واستطرد "أصلي بحب الكشري ببصل زيادة" صاحب مزاج...
اعطي فرصة لاولادك أن يتعرضوا لتحمل المسؤولية فالتعرض لتفاصيل الحياة المختلفة سوف يدهشك من قدراتهم على تحديد متطلباتهم مما سيساعدهم مستقبلاً في اتخاذ قرارات أكبر واهم على مدى الحياة.

القاهرة في ١١ أكتوبر ٢٠١٢

نعم ترنمت الزوجة…

ترنمت الزوجة في الوقت الذي ينوح ويندب ويصرخ ويرفض ويلوم بل يلعن ويجدف ويكفر ويطلب الموت غيرها ممن لا يعرف او يرفض عظمة إلهه، او من ليس له إله مثل إلهها. تلك الآلهة التي لا تضمن لمن يعبدونها غير اللامضمون والقدرية والغيب والشكوك، معتمدة علي جهاد وصلاح اعمال الشخص ذاته في تحديد مستقبله الأبدي. نعم رنمت وتغنت في مشاهد الموت والفراق والألم والدموع الذين عرفوا طريقهم لأذهاننا وقلوبنا وعيوننا نحن من كنا بصحبتها في الطريق لمدفن زوجها. ولكن ماجدة مرقس كان حالها مختلف! نعم أنها ترى وتعرف وتؤمن وتوقن بانه ولا الصعاب ولا الضيق ولا العصف الشديد ولا السؤال البعيد ولا الحزن العميق يقدروا جميعاً ان يغلبوا من وضعت إيمانها وثقتها ورجاءها وحياتها فيه. فهتفت مرنمة "ليس من صعب او ضيق لا يغلبه ... ليس من عصف شديد لا يسكته …ليس  من سؤل  بعيد لا يملكه ... ليس من حزن عميق لا يمسحه … ان  كان حزننا قد حمل على الصليب فانه سوف يحملك"
ثم نظرت للمستقبل والماضي بعيون الايمان واحجار المعونة ورنمت "تمر السنين وتفضل أمين … في وقت الجروح والخوف والطروح بنجيلك يا غالي ألمنا يروح" هذه الزوجة التي انكسرت بمنطق كل بشر وانتهت كل احلامها اليوم عندما فارق الدنيا زوجها جون زكريا في التاسعة والعشرين من عمره في اقصر رحلة مع السرطان رايتها في حياتي، نعم فارق عالمنا ولكنها تعرف انه لم يفارق الحياة. أنها تثق في خالقها تمام الثقة رغم استجابته لصلاتها بما لم تتمنى فرنمت شاكرة "تعلو الحياة بي او ربما تهوي لكنك في قلبي كما انت … في قلبي كما انت لا يعتريك سيدي تغيير البتة…" لم يتغير موقفها من قدرته ومحبته وعنايته وحكمته وحنانه وصلاح خطته فعادت ورنمت بثقة "انت ليك قصد في حياتي ليّ ضامن انه يكمل … انت راسم  ليّ سكة وخطة صالحة مش هاتفشل" … هذه الزوجة الضعيفة قد تواضعت ووضعت حياتها في حمى صخر الدهور فقالت مرنمة "زي عيون العبيد ياسيد عيونا اليك نتغير لمجدك وصورتك وحياتنا هانعيشها ليك" ثم اكملت مؤمنة "وما بين ضلمة ونور إيماني يكون شهادة … وأنسى إني كنت خايف وانسى إني كنت جريح … واللي يشوفني يلاقي في صورة المسيح"
أنها تعبد هذا الإله الذي محى الحزن بالفرح والعداوة بالمحبة، هو من ابدل الظلمة بالنور، نعم انها تعرفه فهو هو الذي قهر مرة وإلى الابد الموت بالقيامة وهو من سيمهد الصعاب ويضمن المستقبل ضد حروب الشرير فرنمت "الله أنت خلاصي فأطمن .. في يدك وديعتي ففيك ثقتي … يزمجر عدوى يجول لابتلاعي … مستقبلي في يدك مؤمن لى عندك، على الأتي أشكرك ففيك ثقتي ..." ثم عادت لتشهد مرنمة رغم الألم والدموع والفراق "مفارقنيش أبدا أبداً حسانك لا مافرقنيش" انه العزاء والدواء من الجروح بالمجروح فصرخت مرنمة "مالناش غيرك الهنا الحي بنترجاك" فهي ليست مغيبة كما انها لا تختذل التجربة في حالة نفسية او عملية إسقاط تهرب بها من الواقع الاليم، بل انها تعي حجم التجربة والجرح نعم انها قناعة عميقة وليست مجرد قناع، انه الرجاء.
قل لي ماذا تتوقع وكيف تتخيل مستقبل هذه المؤمنة؟ ان جاز لي القول أنها بإيمانها وثقتها وثباتها وتثبيت نظرها على الرب قد أجبرته ان يريها ويرينا فيها حياة تعكس معية وقدرة وسلطان ومحبة وصلاح الله ليس كما تعودناها او رأيناهم من قبل، أقول هذا بشرياً وكتابياً أيضاً فانها الثقة التي لها المجازاة العظيمة.
عزيزي ضع مشكلتك او تجربتك أمام أعينك وحاول ان تتعامل معها وأنا اضمن لك الانهيار والانكسار والمرار ولكن إذا نظرت لها من خلال أبوك السماوي سترى حجمها الحقيقي، ستراها في بعدها الابوي وبعدها الابدي، وقتها فقط ستدرك ان هذا السواد القاتم لهو جزء صغير جداً من رسمة عملاقة جميلة يرسمها مبدع الكون اسمها المحبة.

كل سنة وانت طيبة يا أمي!

كل سنة وانت طيبة يا أمي،

يا من علمتني وعملتني، أمي يا من أكرمني بها سيدي، أمي يا فخر وقدوة السنين. نعم عشت أرى المثل والقدوة، القامة والعَلم، الراية والضمير. عشت أرى فيكي مسيح مُصغر منذ نعومة الأظافر، نعم لم تتبدل أولوياتك للحظة ولم تتنازلي عن تقواكي مرة. لم يأتي يوماً لم أراك تفتحين كتابك ولم أرى ليلة تمر دون صلاة، واذكر وجهك الفرح واستمتاعك الحقيقي في اوقات خُلوتك. فكبرت لأعرفك فانت الايمان والضمير والمرجع والحب. في كل تيهاني كنت المنار وفي كل دروبي انت الفنار. ماذا يفهم الطفل عن سهر الأم؟ ليس سهر الليل فقط بل سهر النهار أيضًا، سهر العمر، سوف اذكر ما حييت عيناكي المفتوحتين على اولادك وصلاتك التي حُفظت لي عند الرب، لن أنسى أبداً كتاباتك والخطابات التي دقت ورقت وراقت كثيراً في القلب والعقل والضمير، وان كنت مزقت الكثير منها هربا او غضباً، عصياناً او عناداً إلا أنني اذكرها جميعاً ومازالت احتفظ ببعضها اعرف انها كُتِبت بالدموع والحب قبل الورق والحبر. أني لم أرى موقف قط فيه لم تمجدي سيدك. لم اسمع منك كلمة ليست في محلها ولا تصرف يختلط تعريفه او تصنيفه، نعم أكرمني الله بك. وما ابعد الفجوة بيني وبينك، فقد ارتفعتي بسقف القدوة لما يُصيبني بالإحباط كثيراً مع اولادي. وعلى الرغم من عدم إتمامي لاول وصية بوعد وهي إكرامكما فانا لا اذكر يوماً ان قلت لكي كلمة شكر او عرفانا بجميل تستحقينه إلا أنني أقوم اليوم لتطويبك وإكرامك فحتى ان كان متأخراً سنين هذا عددها إلا ان القلب والعقل لم ولن يغفلاكي لحظة. لم اراكي مرة تبحثيٍ عن حقك ولم أرى يوماً شخص عاقل غير ممتن ومحظوظ بمعرفتك او التعامل معك، نعم فقد شبهتي سيدك فكيف لا تُحبي؟!
اذكر ما تحكيه عن تقبيلي ليديك بعد إطعامي وقبل ان ينطق لساني بكلمة… نعم أحبك… ولن أنسى يوم كنتِ حبيسة المستشفي لفترة بسبب المرض وانا بعد طفل عامين واشتقت إليك فجررت مقعداً اتسلقه لأصل لصورتك وعند محاولة منعي صرخت "إيه ماما!!" نعم اشتاق إليك…
اعرف انك مختلفة، فالله لا يعطي فوق الطاقة، اعرف أني كنت بالمنظور البشري ابن فوق الطاقة، ولكن اعرف يقيناً انك شخصية فوق العادي. اعرف انك رأيتي مني الكثير، لا اعرف كم مرة تسببت لك في ازمة تنفس، أتذكر يوم لفتا أختاي رأسي بالشاش الملطخ بالميكروكروم ووقفنا في البلكون لاستقبالك ورأسي ملفوف فانقطع نفسك حتى وصلتي لنا. اذكر ذهابي معكي للعيادة وطول اناتك وقدرة احتمالك التي تتعاملي بها معي. اذكر كل ما حثيتيني عليه وكل ما اعترضتي عليه في حياتي، الشئ الذي عانيت منه كثيراً ومازالت، فدائما صوت الحق مُوجع. اذكر تعبك المتواصل في المذاكرة، فقد ابتلاك الله بابن صعب اذكر "ذهييلي" اذكر الاستلقاء وسماع قرائتك المواد المختلفة، اذكر مقابلات المدرسين وأول يوم اخذتيني للمدرسة. فاكرة "توووت"؟ أيام وسنين عدت لكن علّمت وحفرت كثيرا. وطبعاً اذكر رحلاتك المطولة والمتصلة مع الأمراض المختلفة والمتشعبة، ولكن أقول كما أقول دائماً أني لم أرى يوماً قد تضجرتي او اعترضتي، لم يغب عنك السلام الذي اعطاكي سيدك للحظة، اذكر على مدار أكثر من خمس وعشرين عاماً أني لم اسمع منك سوا الشكر الحقيقي والقلبي للرب والطمأنينة الغريبة التي اكتشفت بعد سنوات أني قد ورثتها في التعامل مع امراضك. اذكر يوم اجريت لكي جراحة وانت تقولين لي في كل هدوء وسلام وابتسامة وفرحة قبل العملية بدقائق، "ان لم نتقابل هنا تاني سنتقابل هناك، ماتعلش هم" اذكر شهادة طبيبك عن ندرة حالتك وندرة سلامك ونضارة الوجه وهدوء البال أيضاً، نعم أنهم يسألون عن سبب الرجاء الذي فيكي كما قال الكتاب المقدس. نعم لقد قال "انت بتُذهليني يا دكتورة فضيلة" وأنا أقول انك اذهلتينا كثيراً، ليس في المرض فقط لكن في الحب والعطاء والإيمان والثقة والرجاء الذين يحيون داخلك بكل معنى الكلمة. فانا لا اذكر مرة حاولتي فيها إجباري لاتصرف حسناً إلا ان حياتك وصمتك كانا أقوى وأعلى من صراخ الأمهات المعهود وكأنك قد استودعتينا لإله صالح عالمة ان معاركك كلها تُحسم في عرش النعمة.
واليوم، وانا اعرف ان ثمر ما زرعت في شحيح وان كان فيَ شئ صغير صالح او جيد فالفضل يرجع للرب أولاً وأخيراً فهو من أكرمني بابوين يعرفا الرب، شهدا امامنا على مر السنين بحياة لمست القلب وها هم اليوم يرفعاني أنا وبيتي في صلاتهم كل يوم، نعم نحن محظوظين وفخورين كل الفخر. لم ولن ينتهي دوركما ما حيينا…
ابن ينحني امتناناً وينتصب فخراً... — with Fadila Nashaat.