Friday, June 28, 2013

حبيبي باسم

أكرمتُ سيدك بحملٍ ثقيل لأعوامٍ طوال. عشتَ تعتصرُ لتُخرج مجداً وإكراماً وشهادة لسيدك، عشت ترنيمة حيّة تُغنى للرب وشعبهِ، انشودة كُتبت كلماتها بقطرات من الحُبُرِ لا الحِبر…
وها قد جاء يوم الافتراق عن شريكة حياتك، وما اصعبه يوم على شخص رقيق المشاعر مثلك! نعم حبيبي اليوم تدمع ولكن أؤمن ان رائحة المسيح الذكية ستظل وحدها هي ما تملأ المشهد والقلب. اعرف انك بكيت انهاراً وتضرّعت لياليٍ، انتظرت نهاراً، فسودّت سنين اللياليٍ! إلا ان اشراقة جديدة بخلاف ما حالمتُ وحالِمنا تسطع اليوم؛ إشراقة تحمل فصلاً جديداً من قصة حبٍ عجيب فاق إدراك البشر، فصلاً فيه تلتقط مُجدداً انفاسك من أنفاس الله، فهو وحده السند، هو وحده الذي يعرف كل الإجابات والإجابيات، الم البِعاد ومختلف الأبعاد، عمق الجروح وكثرة الفروح، يضمن المستقبل ويحفظ المُستَقبِل. فصلٌ سترى وتشعر وتسمع فيه سيدك يقول من جديد لكم كأسرة وأفراد "محبة أبدية أحببتَكُم"
وإن كنتم نورا وناراً ملتهبة لمجده وسط شعبه، إلا انني موقن أنكم لم تكونوا مجرد واجهة خارجية لتمجيد الله بين الناس فقط، ولكن داخلياً اعرف تماماً أنكم بُركتم واستمتعتم بمحبته ورقته وعنايته طوال سنين المرض والحروب. والجميل ان هذه البركات والمعية والمحبة مازالات جميعها لك من ابيك، لك هنا على الارض ولك كَنزٌ ابدياً في السماء… وأقولها مجدداً وبكل إيمان وان كانت شمس وبسمة المحبوبة زوجتك واختنا نرمين قد غابت عن العيون إلا انها أشرقت امام سيدها لتفرح والى الابد، وقريباً ستُتوج بكل الأكاليل التي أكرمها بها سيدها، وإن كانت اوتاد الخيمة أُقتلِعت امام عينيك واحداً تلو الآخر إلا انك تؤمن وتعي وتثق فيمن أودعته وديعتك.
افرح يا اخي فاللقاء قريب..

Friday, June 21, 2013

دروس مُستفادة من مرض فريد

عدنا اليوم بعد متابعة (استشارة) الطبيبة حيث طمأنتنا على صحة فريد وجلسنا لتناول الغذاء وسألت"ايه الدروس والحاجات الإيجابية اللي حصلت من مرض فريد؟" وكان للولد الدور الأكبر في المشاركة:
١- الله يستجب للصلاة.
٢- عرف فريد واهله انه يثق في الله ثقة شديدة فرغم خطورة المرض لم يستمر قلقه بعد ان ذكّره والده ان اُمورنا في يد الله.
٣- عرفنا قدر محبة الناس.
٤- تعلم فريد ضبط النفس حيث حضرت له هدايا عيد ميلاده ل
كنه لم يكن باستطاعته اللعب بها لمرضه.
٤- فريد فقد بعض الوزن الزائد.
٥- قالت ماريان ان شادي جوز ايجابي - مُجاملة ؛-)
٦- عرف فريد اكثر عن قدر اهتمام اهله به وحساسيتهم لاحتياجاته المختلفة.
٧- فريد وليلى اشتاقا لبعض لحرمانهم من بعض خلال فترة المرض خوفاً من العدوة.
٨- رغم البقاء في المنزل إلا أننا استمتعنا ببعض وتقارب بعضنا البعض أكثر.
٩- عرفنا ان الله يتحكم في أدق الأمور فلم تنتقل العدوة لاي واحد لان الله يعرف ما يفعل.
١٠- الله غلب الشيطان في محاولته ان يضر جسد فريد.
١١- ان الله يُجهزنا للتجربة ويعطي تشجيع خاص وسلام حقيقي.
١٢- رُحم فرد من طلبات أهله المتواصلة أثناء فترة المرض.
١٣- اثبت فريد شجاعته وقدرته عندما حاول كارلوس الممرض ثلاث محاولات لتركيب إبرة الكانيولا في يده.
١٤- بات فريد مستمتعا بجوار والده لمدة اسبوع. وباقي الاطراف أيضاً!
١٥- قال شادي وماريان "العيال وسنينها والعايز العيال وسنينه"
...... واللي عنده حاجة يقولها 

ربي لست أعلم ما تحمله الأيام لي

ربي لست أعلم ما تحمله الأيام لي،
لكن يا سيدي الحبيب يكفيني شيء واحد
ثقتي أنك معي…
ظلت هذه الترنيمة عالقة بذهني طوال الأيام القليلة الماضية، واستوحيت منها جزء فيما كتبت لفريد يوم عيد ميلاده. وكأن ربنا بيثبت عيني عليه ومش على الظروف او المجهول او المستقبل… هذا بالإضافة الي ما تذكرته وذكرته اثناء نفس المقطع أننا قد وضعنا إسحاقنا على المذبح منذ أوائل أيامه.
 ومازالت كلمات الترنيمة تُعاد مِراراً وتكراراً في ذهني حتى بعد مرض الولد. أثناء الدقائق الأولى لنا في المستشفى ونحن ننظر الولد يتنفس بصعوبة وننتظر مقابلة الطبيبة تغيرت كلمات الترنيمة من "ما تحمله الأيام" الى "ما تحمله الدقائق او اللحظات" ورفعت عيني على نصفها الآخير الذي لم يتغير وهو "انك معي"…
لم يتملكنا التوتر حتى لو كان موجوداً فان تجري بطفلك للطوارئ الساعة الثانية صباحاً مُصاباً بضيق في التنفس ليس امراً سهلاً. وحاول الشيطان ان يضرب زوجتي باحساس بالذنب لعدم تحركها مبكراً، الشئ الذي ادمعها وابكاها. وجدتني اقول لها بكل حزم "تفتكري ربنا هايسيب الولد يتضر علشان تقصيرنا؟ هو ده بتعنا؟ وأكملت، افتراضي ان ربنا عايز ياخده! ده مش بتاعنا، مش إحنا عارفين الكلام ده؟" وشعرت أني قد أثقلت عليها ولكنها فاجأتني قائلة "ان الموضوع ده مش هو المخوفني خالص" وكأنها تؤكد ما قلت.
 في كثير من الأحيان ننطق ونرتل كلمات ونتفكر في بعض الافكار يستخدمها روح الله لتشجيعنا أثناء الأوقات الصعبة. لم يكن الموقف بالسهولة التي قصدتها من الصورة والتعليق ولا حتى نظرة الولد المُضحكة لتخفيف الخبر على أهلنا واصدقائنا… فقبل معرفة نوع المرض بدقائق قال لنا الممرض "أشجعك ان تأخذ هذه الرضيعة (ليلة بنتي) خارج المستشفى حالاً لانه في حالتين من الالتهاب الرئوي" ومن هنا عرف الولد ان هذا المرض خطير، وبعد دقائق شعر انه مهدد لانه سمع انه مصاب بنفس المرض. أثناء اصطحابه لحجرة الإشاعة سألني في هدوء مسيطراً على قلقه "هل هذا المرض سيؤدي للموت؟" طمأنته وسألته "هي كل أمور حياتنا في ايد مين؟" قال "ربنا" قلت له "هو في أحسن من كده؟" فاطمأن ولم يهتم بالأمر من وقتها.
مهم جداً ان الواحد يكون عنده رصيد في علاقته بالله، واقصد بكلمة رصيد ليس أعمال ولا أفعال ولا خدمة لكن ان يأخذ الله مساحة من رصيد عقلك وعاطفتك وقلبك. فإذا سمح لك يومٍ بتجربةٍ تجد ان فكرك وقلبك قد اُعدا قبلاً لرد فعل إيجابي صحيح بدلاً من ان تُصبح كالقشة في مهب الريح فيُداعب الشيطان قلبك وعقلك بشره. انا لا ادعي الروحانية ولا الإيمان الكامل ولكن مجرد بضع كلمات لترنيمة استخدمها الله لتشجيعنا. وبالتالي فكما أفسحت مساحة لله في حياتك قلت فرصة الشيطان ان يجد مكاناً لسهامه الملتهبة في فكرك وقلبك. وقتها لن تعيش تحت رعب المجهول والخوف والتحسُب لطعنات وصفعات إبليس لحياتك، لكنك ستأخذ الامر من يد الله الذي يقف في صفك؛ الله الذي لك. وقتها ستقول نفس الكلمات:
ربي لست أعلم ما تحمله الأيام لي،
لكن يا سيدي الحبيب يكفيني شيء واحد
ثقتي أنك معي…

اليوم فريد ابني أكمل ٩ سنين…


فريد، تسع سنوات مرت يا ابني وكأنهم لمحة، اعرف انك خُلقت لهدف وغرض أسمى وأثمن من ان  تكون ابن جميل ومحبوب يستمتع او يفخر بك والديك، منذ يومك الثالث قد وضعتك على المذبح كما فعل أبونا إبراهيم قديماً يوم شعرت أن نَفَسك قد توقف، نعم فيومها علمت أني وكيل عليك أمام الله وأنك لست مِلكاً لنا أبداً. اعرف أيضاً انك وُهبتَ وبُركتَ كثيراً لا لأن تعيش مرتفعاً بل مترفعاً عن ذاتك ومتعلقاً بخالق اودعك الكثير كي ما تستثمر الكل لتتميم خطته الفريدة في حياتك فانت أيضاً وكيلاً ولست مالكاً لهذه العطايا… وإلا ضاعت العطية والموهبة منك يا ابني.
لقد خلقك الله فريداً، الله لا ينسخ البشر يا ابني فلا تستنسخ نفسك من أحداً لتظل فريداً كما خلقك الله وكما رأيتك وسميتك منذ يومك الأول. نعم إن لم تعش الحياة التي وُجِدتَ لها لن تفرح ولن تشعر بالقيمة، أمامك الآلاف أنهوا حياتهم بأيديهم لأنهم لم يعيشوا أدوارهم التي خُليِقوا لها. انت لك رسالة يا ابني.
كل يوم من التسع سنين يشهد عن نعمة وأمانة وصلاح وحفظ وعناية ومحبة وصدق وقدرة وكرم ودقة ورقة وصبر وخطة الله. وان كنت لا اعلم ما تحمله الأيام لنا ولا اعلم اين سيكون كل منا في مثل هذا اليوم بعد عامٍ ولا حتى غداً ولكني اعلم شيئا واحداً انه في كل يومٍ قضيناه معاً قد حاولت قدر المُستطاع ان يُستثمر حسناً. لم احلم يوم ميلادك ان أراك تسع سنوات او عشر او عشرين او عريس او اب كما يفعل الناس، بل عشت استمتع بكل مرحلة على حدة دون اللهث وراء الغد الذي لا اعلمه. فاستمتعت بك وانت جنين وانت رضيع وانت تحبو وانت تمشي وانت تتلعثم وانت تدخل المدرسة وانت تتفوق. يمكن علشان معنديش إحساس بالعمر الطويل؟ يجوز، لكن عندي يقين يا ابني أني ساقف امام الله في يومٍ لأقول له وبناء على نعمته "ها انا والأولاد الذين أعطيتنى" أحبك يا ابني كل الحب. وبقيت كلمة ان محبتي لك قاصرة وعاجزة ومُشوهة وهشة وقليلة ومتغيرة وناقصة وضعيفة أمام محبة هذا الفريد من دفع ثمنك بالدم الكريم حاملاً عارك لتُطلق حراً الى الأبد، يومها كنت في فكره وقلبه فريداً.

أبوك،
١٦ يونية ٢٠١٣

Monday, June 10, 2013

"القانون وعاء العقاب"

"القانون وعاء العقاب" هذا مبدأ أساسي لقوانين الطبيعة، فإذا كسرت القانون انسكب العقاب تلقائياً، فلا مفر منه كما انه لا يحتاج لقوة او شخص يقوم بتطبيق العقوبة؛ فإذا داعبت الافعة ستُلدغ وان احتضنت النار ستُحرق وإذا قفزت من فوق جبلٍ ستموت، وإذا تزوجت فستنال جزائك وإذا رفضت مبارك سيأتيك الإخوان! جميعها تطبيق وقتي للعقوبة ورداً رادعاً لكسر القانون.
طبعاً التطبيقين الأخيرين (الزواج - مبارك والإخوان) أمثلة تشبيهية افتراضية عرضية مرضية خادعة ساخرة، كتبتها فقط لتلتفت إليّ حتى اصرخ في وجهك لتعرف ان الله لا يُشمخ عليه ولا ولن يفلت أحداً من العقاب مهما كان دهائه ومكره وحيلته ونفوذه... العقاب قادم لكل من يقاوم قوانين صاحب اللعبة، فلن تتغير الافعة ولن تُغير النار من خصائصها ولن تتنازل الجاذبية الأرضية عن اسمها… مرة أخرى أقول الله لا يُشمخ عليه… والدليل على ذلك هو ما نحن فيه الآن... لماذا؟ لأن الحقيقة الكاملة كامنة في مبدأ بسيط مثل الزرع والحصاد الذي يشرح نفسه، فالانسان يحصد ما زرعه ومن المعروف ان حصاد بذرة يكون من نفس النوع لكن أوفر واكثر من مجرد البذرة نفسها… عد الى الإيدز وثقب الأوزون والاحتباس الحراري ومد البحار والسرطان . ومن الناحية الأخرى ستجد  كل عناصر الطبيعة التي تصرخ بالزلازل والبراكين والرعود والبروق والاعاصير والفياضانات والاوبئة والجبال التي تهتز خوفا ورعباً صارخة من غضب الله القادم على كل إنسان لم يعترف به رب وملك وسيد وخالق وإله، ليس فقط اعتراف الفم بل اعتراف القلب الذي ينعكس تلقائياً في حياة صادقة في مخافته. ان الله يقولها صريحة "إن أجرة الخطية موت" اذا فهذا ايضاً مبدأ وقانون لن يتغير، مرة أخيرة الله لا ولم ولن يُشمخ عليه.

Saturday, June 8, 2013

نحن في أمان…

من تخصصات مراتي التأكيد ان باب البيت مغلّق قبل النوم. المهم، بالأمس قالت لي كعادتها وعادة اغلب الزوجات انها تسمع صوت في البيت، وطبعاً في كل مرة تضيف فصلاً جديداً في مذكراتها "الهواجس وانا" و أضيف انا تباعاً فصلاً جديداً في مذكراتي "زوجتي والهجص" ونضحك سوياً ثم تسقط هي نائمة وأبقى انا بلا نوم كالعادة… المهم، طلبت مني التأكيد على غلق الباب فقمت ووجدته غير مسكّر من الداخل، فقفلته وانتهى الموضوع. مرت الليلة بسلام ونحن نشعر بالامان. في الصبح طلبت من فريد ابني ان يحضر شئ من السيارة وأخذ يبحث عن المفاتيح لفترة دون جدوى واسترسلنا فيمن اخر من استخدمهم ومتى والاحتمالات وما الى ذلك، المهم قلت له في سخرية "شوف يمكن تكون نسيته في الباب من بره؟" وكانت…
في كثير من الأحيان نعتمد على ذواتنا او امكانياتنا او قدراتنا او استعداداتنا واحتياطاتنا في الشعور بالأمان ولكن في واقع الامر لا تكون هذه الأمور هي مصدر الأمان، فالباب الغير مغلق من الداخل اقل خطورة من المفتاح المعلق على الباب من الخارج طوال الليل… وان كنت قد أغلقتها من الداخل وشعرنا بالأمان إلا انه كان أمان وهمي وكاذب وغير حقيقي وخادع. فقد تعتمد على صحتك او قدرتك او خبرتك او مالك او سلطانك او نفوذك او معارفك او حتى أعمالك الحسنة لتشفع لك وغيرها من الأمور التي كثيراً ما نستند عليها لنؤمّن انفسنا ولكن تبقى الحقيقة الوحيدة ان الله وحده هو مصدر الأمان ودونه الكل خداع للنفس ومسكنات للخوف لا مفعول لها على ارض الواقع. لو لم تشعر بالأمان دون الاعتماد على هذه المقومات الهزيلة والزائفة عليك ان تراجع نفسك وإيمانك بالله لانه وحده الذي في يده كل شئ والذي يعرف كل شئ والمسيطر على كل شئ. انفض يدك عن كل غبار وتراب ونفاية تعتقد انها مصدر أمانك وامنك كي ما يمتلئ قلبك بالأمان والإيمان الحقيقي بما في ذلك ما تعتمد عليه لتأمين ابديتك، احذر ان تنخدع فيما لا بديل ولا رجعة فيه. يوجد طريق واحد للأمان هل تعرفه؟